بريزات يرد على قرار إقالته من “حقوق الإنسان”: لهذه الأسباب أقالوني

ربط المفوض العام السابق للمركز الوطني لحقوق الإنسان، الدكتور موسى بريزات تعسف السلطة التنفيذية في قرار إنهاء خدماته بنوعية التقارير التي صدّرها المركز، والقضايا التي تبناها المفوض العام؛ حماية لحقوق المواطن وكرامته، وتحقيقا للعدل وصوناً للحريات الأساسية، وتعزيزاً لاستقلالية المركز وفعالية دوره تجاه كل أصحاب المظالم والحقوق في الوصول للمركز.
ونوّه بريزات في بيان صحافي صدره لوسائل الإعلام مساء الاحد، إلى غياب انفراج حقيقي في المنظومة الوطنية لحقوق الإنسان، مشيراً إلى علاقة من نوع ما؛ بين قرار إنهاء خدماته وبين تقارير  المركز حول حرية التعبير والتجمع السلمي وحرية التنظيم النقابي والحق في مجلس أمة حقيقي يعبر عن إرادة الناخبين.

وتاليا نص البيان:

بسم الله الرحمن الرحيم

أولاً – أتوجه بالشكر الجزيل لكل الشرفاء من الأردنيين والأردنيات في هذا الوطن العزيز الذين وقفوا إلى جانب الحق والمبدأ، مدافعين بالموقف الصادق والعبارة الرصينة عن استقلالية المركز الوطني لحقوق الإنسان ودوره في أعقاب قرار كل من مجلس أمناء المركز ومجلس الوزراء بإنهاء خدماتي، من منصب المفوض العام قبل انتهاء المدة المنصوص عليها في القانون .

كان الحرص الشديد على استمرار دور المركز هو المحرك للعدد الكبير من الغيارى  والشرفاء والأحرار، وأن يظل المركز ملاذاً لكل مظلوم، ولكل ضحية لتشريع قاصر وسياسة غشوم  أو ممارسة تعسفية، وسدت في وجهه أو وجهها سبل الإنصاف الوطنية الأخرى.
إن ما تشكل من حراك سياسي وطني في أعقاب قرار الإحالة “المدبر” يبرهن على أصالة هذا الشعب ووعيه إلى جانب ثقة الأردنيين بهذا  المركز الذي دأب عبر تقاريره  ومواقفه الواضحة على  تشخيص واقع حقوق الإنسان في المملكة على مر السنوات، بكل موضوعية وجراءة وحيادية، وأن يقدم  النصيحة الصادقة للدولة ولصانع القرار، ويوفر الحماية لأصحاب الحقوق كلما استطاع إلى ذلك سبيلا.
كما وأشكر الأخوة والأخوات موظفي الأمانة العامة للمركز الوطني لحقوق الإنسان على موقفهم المنحاز لاستقلالية  المركز، ولرسالته وسمعته ومكانته محلياً ودولياً، باعتباره بيتاً للأردنيين وملاذا لكل مظلوم ومستنجد.
كان موقف هؤلاء الزميلات والزملاء، والذي جاء بمبادرة ذاتية خالصة وبإرادة حرة موقفا مشرفا يفيض شجاعة أدبية؛ لا يقوى عليها إلا من امتلك احترام الذات، ولم تحد بوصلته عن مبادئ حقوق الإنسان   والقيم الوطنية ألأصيلة .
وأسجل بكل تقدير واحترام الدور المميز والبناء لرؤساء وأعضاء مجالس الأمناء السابقين، بمن فيهم من عملت معهم عضواً ومفوضاً عاماً على مدار ثماني سنوات، إذ كانوا فريقا واحداً متماسكاً، مستندين في عملهم لإرادة حرة ولقرار مستقل،  ما عبّد طريق المركز للمصداقية وثقة الجمهور الأردني بالمركز، وصولاً لمكانة مرموقة عربيا ودوليا .
تعلمت الكثير من هؤلاء الكبار الذين كانوا جميعاً بلا استثناء على مستوى رفيع من المعرفة والنزاهة والإحساس بالمسؤولية .
ثانيا ً- لن أتطرق في هذه العجالة  للأسباب والدوافع الحقيقية وراء تنسيب مجلس الأمناء لمجلس الوزراء بإنهاء خدمات المفوض العام قبل انتهاء المدة الزمنية المنصوص عليها في قانون المركز الوطني رقم 51 لعام 2006م وتعديلاته؛ وهي المدة المحصنة بضمانات محددة وواضحة من أي تعسف قد يقع من قبل سلطات التعيين، مستشهدا بالنص الوارد في قرار هيئة الاعتماد الدولية والمشترط وجود توصية من هيئة مستقلة مختصة لعزل أي من أعضاء مجلس الأمناء أو المفوض العام، وهو الشرط الذي تم تجاهله تماماً من قبل مجلس الأمناء، وكذلك مجلس الوزراء الذي قرر إنهاء خدمات المفوض العام قبل المدة المقررة قانونياً.

ثالثاً -رغم أن الرأي العام الأردني، وكذلك أصحاب الحقوق على اطلاع ببعض أسباب ودوافع القرارين آنفي الذكر-وهي ليست منفصلة عن المواقف الواضحة والراسخة والمبدئية للمركز، والتي عبّر عنها المفوض العام؛ حماية لحقوق المواطن وكرامته وتحقيقا للعدالة وصون الحريات الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير والتجمع السلمي وحرية التنظيم النقابي والحق في انتخاب مجلس أمة حقيقي يعبر عن إرادة الناخبين، وعدم تغول سلطة على أخرى،  إلا أنني أترك تفاصيل الإحاطة بتلك الأسباب والدوافع للمراقب الذي سيلتقط الرسالة بوضوح، كما أن المستقبل كفيل أيضا بتبديد الضباب وإظهار المزيد من التفاصيل والحقائق حول تلك الدوافع ومآلاتها.

رابعاً – إن  قرار إنهاء خدماتي هذا لن يؤثر على قناعاتي التي آمنت بها انطلاقا من ثوابت الدستور وقيم الأمة وحقوق الإنسان، ومارستها طوال سنوات خدمتي في الدولة الأردنية، موظفاً عاماً ومفوضا عاماً، خدمة للصالح العام والمصلحة الوطنية، فالقيم والمبادئ لا تتجزأ، ولا تقاس حسب الوظيفة.
ختاما- أوكد ثقتي التامة بنزاهة القضاء الأردني واستقلاله والذي سيقول كلمته في كل ما ألحقه قرار مجلس الوزراء ومن قبله مجلس الأمناء من مساس بمكانة المفوض العام وحقوقه الشخصية والمهنية.

والله الموفق

عمان / من الثاني عشر من شهر نيسان لعام 2020م
موسى بريزات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى