مجلس النواب … ماذا بعد؟

  أ. د. ليث كمال نصراوين*- تترقب الأوساط السياسية والشعبية مصير مجلس النواب الحالي، حيث يبقى الحق لجلالة الملك في الموازنة بين الخيارات الدستورية المتاحة له، وإن كانت إحدى تلك الخيارات المقررة في المادة (68/2) من الدستور، والتي تقضي بحل مجلس النواب لإجراء الانتخاب العام خلال الشهور الأربعة التي تسبق انتهاء مدة المجلس، قد تم استبعاد تطبيقها.

إن تقرير حقوق دستورية لجلالة الملك على مصير مجلس النواب يتوافق مع مبدأ الفصل المرن بين السلطات الذي تبناه الدستور الأردني. فالملك بصفته رئيس السلطة التنفيذية له الحق في حل مجلس النواب أو تمديد مدته الدستورية، وذلك في مقابل الحق الدستوري للمجلس المنتخب في طرح الثقة بمجلس الوزراء أو أي من الوزراء فيه، والذي يعتبر الجزء الثاني من السلطة التنفيذية إلى جانب جلالة الملك.

ويبقى مجلس النواب اليوم في حالة عدم انعقاد رغم بقائه على قيد الحياة الدستورية. فعلى الرغم من ثبوت الحق لجلالة الملك في دعوة مجلس الأمة للاجتماع في دورة استثنائية، إلا أنه لم تصدر حتى تاريخه إرادة ملكية سامية بهذا الخصوص. كما أن هناك صمت من النواب أنفسهم في المطالبة بعقد دورة استثنائية، إذ تجيز المادة (82/2) من الدستور للأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس النيابي تقديم عريضة موقعة منهم إلى جلالة الملك لطلب عقد دورة استثنائية.

وفي ظل حالة الترقب الحالية في المشهد الدستوري، يستمر مجلس النواب في قضاء باقي مدته الدستورية، بحيث سيبقى المجلس قائما إلى حين صدور الإرادة الملكية السامية بإجراء الانتخابات، وذلك عملا بأحكام المادة (68/2) من الدستور. فإن لم تصدر هذه الإرادة، فإنه سيتعين على كل من السلطتين التنفيذية والتشريعية التحضير للتعامل مع استحقاقاتهما الدستورية التي ستفرض عليهما في حال ما استمر مجلس النواب الحالي حتى بداية شهر تشرين أول القادم، وذلك ضمن ما يمكن تسميته بـ “التمديد الضمني لمجلس النواب”. فمن أبرز الاستحقاقات التي يجب على السلطة التنفيذية التعامل معها في حال التمديد الضمني لمجلس النواب وجوب حل مجلس الأعيان وإعادة تشكيله، إلى جانب ودعوة مجلس الأمة للاجتماع في دورته العادية الخامسة، وإلقاء جلالة الملك لخطبة العرش أمام مجلسي الأعيان والنواب معلنا افتتاح تلك الدورة العادية.

في المقابل، فإنه سيترتب على السلطة التشريعية عددا من الاستحقاقات الدستورية أهمها وجوب انتخاب رئيس مجلس نواب جديد في الدورة العادية الخامسة، ذلك على اعتبار أن المدة الدستورية للرئيس الحالي ستنتهي مع نهاية شهر أيلول القادم. كما سيترتب على السلطة التشريعية بشقيها الأعيان والنواب إعادة تشكيل المكتب الدائم لكل مجلس، واختيار اللجان البرلمانية من رؤساء وأعضاء. هذا إلى جانب وجوب تقديم الرد على خطبة العرش ضمن الأطر الدستورية المحددة.

إن هذه الاستحقاقات الدستورية الهامة التي ستترتب على السلطتين التشريعية والتنفيذية في حال استمرارية المشهد الحالي يجب أخذها بعين الاعتبار لحسم أمر إجراء الانتخابات النيابية القادمة.

 

 

* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية

 

 

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى