يسرا ابوعنيز تكتب :انتحار
يسرا ابوعنيز – يبدو ان جسر عبدون الواقع وسط العاصمة الأردنية عمان، قد اصبح له استخدامات اخرى غير تلك التي انشئ من اجلها للتخفيف من ازمة السير في تلك المنطقة،حيث اصبح ملاذا بل مكاتا للراغبين بالتخلص من حياتهم من خلال القاء انفسهم من اعلى هذا الجسر.
وبعد أن خفت هذه الحالات،وذلك بسبب الحظر الذي كان مفروضا في المملكة، منذ ما يقارب الثلاثة أشهر تقريبا،بسبب جائحة فيروس الكورونا المنتشر في العالم، عاد جسر عبدون الشهير بهذه الحوادث من جديد الى الواجهة لتسجيل محاولة انتحار من اعلاه قبل فترة.
ولعل جسر عبدون، لم يعد هو المكان الوحيد في الأردن للمواطنين الراغبين بالتخلص من الحياة، بل إن الأشجار هي الاخرى اصبحت وسيلة لهذه الغاية، حيث تم العثور خلال الأيام الماضية على جثتين تعود لشخصين، بعد أن قام اصحابها بشنق انفسهم في محافظتي اربد ومعان.
وهذه الوسيلة أيضا ليست الوحيدة لدى الراغبين بانهاء حياتهم، ولكن أصبحت هناك وسائل كثيرة يتبعها هؤلاء الأشخاص للتخلص من الحياة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر شرب المبيدات الحشرية، ومواد التنظيف، وإطلاق الرصاص على أنفسهم، او الطعن، او القاء انفسهم من المرتفعات العالية، او البنايات المرتفعة وغيرها من الوسائل.
ومع عودة مسلسل الانتحار في المملكة، والذي اصبح من الظواهر الإجتماعية المقلقة في المجتمعات العربية والعالمية، بعد أن غاب عنا عدة أشهر خلال فترة الحظر، والذي عاد بهمة عالية، حيث سجلت يوم امس الاحد حالة انتحار لعشريني طعنا في محافظة الزرقاء، وسط المملكة،لتكون هذه الحالة الثالثة خلال اسبوع.
وبعيدا عن الحالة النفسية التي يعاني منها الشخص الذي يقدم على الإنتحار، سواء نجح في انهاء حياته، او تسبب بايذائها، او تم ثنيه عن هذا الأمر البشع، وبعيدا عن الظروف الصعبة التي يمر بها هذا الشخص،والواقع الصعب الذي يعيشه، فإن
الإقدام على هذا الأمر جريمة بحد ذاتها.
جريمة بحق الانسانية من جهة، وذلك لإزهاق روح بشرية، او محاولة ازهاقها، او احداث عاهة مستديمة لها رغم علمه بأنها بيد خالقها فقط، وجريمة أيضا بحق المجتمع الذي يعيش فيه،لارتكابه فعلا يخالف كل الأديان، والأعراف والقوانين الدولية من
جهة أخرى،وفي ارتكابها احداث خلل معين في بنية هذا المجتمع.
لأن الأمور بالنهاية لا تتم معالجتها بهذه الطريقة، ولا بهذا الأسلوب مهما صعبت، ومهما كانت قاسية، ومن المؤكد أن هناك حلولا أخرى بعيده عن ازهاق روح بشرية، ومن المؤكد أيضا أن هناك اشخاص آخرين سيلحق بهم الضرر جراء الإقدام على هذا
التصرف البشع، والدخيل عن مجتمعنا الأردني.
ومن هنا فإننا جميعا مدعوون،بل ومطالبون بالتصدي لمثل هذه الظواهر الإجتماعية، من خلال توعية شبابنا من الجنسين، وبكافة الوسائل بآثارها على المجتمع الأردني الفتي، لكونها لم تعد حكرا على فئة عمرية معينة، او جنس معين، قبل أن نفقد زمام الأمور، ولا نستطيع السيطرة على الوضع.