صندوق النقد العربي يُصدر كتاباً حول دور الصندوق في تمكين المرأة العربية

في إطار حرص صندوق النقد العربي في سياق استراتيجيته للفترة (2020-2025) على تبني عدد من السياسات الهادفة إلى تمكين المرأة العربية على عدد من الأصعدة ذات الصلة بمجالات عمله،  أصدر الصندوق كتاباً حول “دور الصندوق في تمكين المرأة”. أشار الكتاب إلى أهمية التمكين الاقتصادي للمرأة العربية في ظل انخفاض نسبة مشاركتها في القوة العاملة إلى نحو 20.4 في المائة، مقارنة مع 49 في المائة للمتوسط العالمي، وارتفاع بطالة الإناث في المنطقة العربية إلى نحو 18.8 في المائة خلال عام 2018، وهو ما يفوق ثلاثة أضعاف معدل بطالة المرأة المُسجل على مستوى العالم البالغ نحو 5.4 في المائة في نفس العام وفق إحصاءات منظمة العمل الدولية.

أشار الكتاب إلى تضافر جهود العديد من التجمعات والمؤسسات الدولية لتمكين المرأة على كافة المستويات لاسيما الاقتصادية منها بهدف تعظيم الطاقات الإنتاجية ودعم النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. فعلى صعيد المبادرات الدولية، فيتمثل أهمها في المبادرات التي تتبناها مجموعة العشرين في إطار رئاسة المملكة العربية السعودية للمجموعة في عام 2020 لإحراز تقدم على صعيد المساواة بين الجنسين في عالم العمل المتغير، من خلال التركيز على مواصلة العمل على خفض الفجوة النوعية لمشاركة المرأة في سوق العمل بنسبة 25 في المائة في عام 2025 من خلال مواجهة التحديات التي تواجه إدماج المرأة، لا سيما من خلال زيادة نسبة تمثيل المرأة في القطاع الخاص في سياق مبادرة “إمباور”  (EMPOWER).

على مستوى المبادرات الإقليمية، تتبني الدول العربية ممثلةً في منظمة المرأة العربية استراتيجية النهوض بالمرأة التي تستهدف تمكين المرأة على عدد من الأصعدة من بينها الاقتصادية من خلال القضاء على الفقر، والعمل على إزالة أسبابه وتخفيف آثاره على المرأة خاصة في القطاع الريفي وقطاع العمل غير الرسمي، ورفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، ومكافحة بطالة الإناث. علاوة على ذلك وإدراكاً من الحكومات العربية لأهمية تمكين المرأة على عدد من الأصعدة ولا سيما الاقتصادية منها وفي ظل انخفاض مستوى مشاركة المرأة العربية في سوق العمل، تتبنى الدول العربية عدد كبير من المبادرات القُطرية لحفز مستويات المشاركة الاقتصادية للمرأة.

من جانبه، يتبنى صندوق النقد العربي العديد من التدخلات التي تهدف إلى تمكين المرأة اقتصادياً ومالياً حيث يحرص الصندوق من خلال مشاوراته مع الدول الأعضاء على تضمين برامج الإصلاح، التي يتم الاتفاق حولها، لإجراءات ترمي إلى مساعدة المرأة العربية على الاضطلاع بالدور المأمول منها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمستدامة، وتهيئة البيئة المواتية لممارسة وريادة الأعمال، بما يتضمن تعزيز فرصها في الحصول على التمويل المناسب، وتعزيز قدراتها بما يمكنها من الحصول على فرص العمل والتوظيف والوصول إلى الخدمات المالية.

في هذا الصدد، وعلى سبيل المثال، تضمنت الإجراءات بإطار برنامج الإصلاح في القطاع المالي والمصرفي، المُتفق عليه مع السلطات المغربية، العمل على دعم الجهود الرامية لتعزيز وصول الإناث إلى التمويل، من خلال تطوير آلية ضمان تفضيلية باسم “إليكِ”، وتوسيع نطاقها لتغطي نسبة 80 في المائة من القروض المصرفية الموجهة لرائدات الأعمال. كما تضمنت عناصر برنامج الإصلاح في مصر، دعم الجهود الحكومية في تأسيس العديد من جمعيات رائدات الأعمال، وتعزيز قدرتهن على الوصول إلى التمويل الذي تقدمه الصناديق والجمعيات المتخصصة في التمويل الأصغر بشروط ميسرة وبالضمانات الكافية. كما حرص الصندوق بإطار نفس التسهيل المُشار إليه المُقدم إلى السودان على دعم الجهود الحكومية في مجال تبني وتنفيذ استراتيجية وطنية للشمول المالي، تتمحور حول تحسين فُرص وصول المرأة والشباب والمشاريع المبتكرة للتمويل والخدمات المالية. من جانب آخر، ساند الصندوق الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة التونسية لزيادة فرص الوصول للتمويل والخدمات المالية لكافة فئات المجتمع خاصة المرأة والشباب، والعمل على منح امتيازات خاصة وحوافز للجمعيات المُسندة للقروض، ومؤسسات التمويل الصغير، التي تحرز تقدماً وتوسعاً في حجم القروض المقدمة للنساء والشباب.

إيماناً من الصندوق بأهمية تنمية قدرات المرأة العربية في المجالات الاقتصادية، شهد عدد المشاركات في الدورات التدريبية التي ينظمها معهد التدريب وبناء القدرات في الصندوق للكوادر الفنية العاملة في الجهات الرسمية في الدول الأعضاء ومن أهمها البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية، ووزارات المالية والأجهزة الإحصائية زيادةً ملموسةً حيث ارتفع عددهن من 226 مشاركة في عام 2015 إلى 465 مشاركة في عام 2019 .

من جهة أخرى، يمثل تعزيز مستويات الشمول المالي في الدول العربية محوراً مهماً من محاور اهتمامات مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية -الذي يتولى صندوق النقد العربي أمانته الفنية- لما في ذلك من دور فعال في تعزيز الاستقرار المالي ودعم فرص تحقيق التنمية المستدامة والرفاه الاجتماعي. في هذا الإطار، يسعى الصندوق لدعم تعزيز الشمول المالي في الدول العربية من خلال عدد من الأنشطة والمحاور في إطار فريق العمل الإقليمي لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية الذي اُنشأ في عام 2013، والمبادرة الإقليمية لتعزيز الشمول المالي التي اُطلقت في عام 2017. من بين هذه الأنشطة تنفيذ نموذجاً متكاملاً وشاملاً للمسح الميداني للطلب على الخدمات المالية من طرف الأفراد والأسر للحصول على معلومات وإحصاءات أكثر موثوقية بما يُمكن السلطات من تطوير السياسات التي من شأنها تسهيل وصول المرأة العربية للخدمات المالية.

في هذا السياق، أظهر تطبيق النموذج الاحصائي لدى كل من الجمهورية التونسية والجمهورية اللبنانية، بوضوح فجوة النوع في الوصول للخدمات المالية والتمويل. فقد بلغت نسبة وصول الإناث للخدمات المالية في تونس (نسبة من لديهن حسابات مصرفية) نحو 51 في المائة مقابل 71 في المائة للرجال، فيما بلغت نسبة وصول الإناث للخدمات المالية في لبنان نحو 49 في المائة مقابل 69 في المائة للرجال، وفقاً لبيانات عام 2019 للبلدين. بناءً عليه، تضمنت السياسات والبرامج التي أعلن عنها البنك المركزي التونسي ومصرف لبنان استناداً للنتائج المُشار إليها، إجراءات على الصعيد التشريعي والتنظيمي تهدف لتعزيز مساهمة المرأة ومعالجة التحديات التي تحول دون الوصول للخدمات المالية والتمويل، وتدفع بالمؤسسات المصرفية لتطوير الخدمات المناسبة.

بمباركة من مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، أطلق الصندوق ما يُعرف باليوم العربي للشمول المالي كتظاهرة مصرفية مالية عربية تُعقد نهاية شهر أبريل من كل عام. في هذا السياق قام الصندوق بتنظيم فعالية إعلامية في أبريل 2018، قدم خلالها عرضاً حول واقع ومؤشرات وصول المرأة العربية للتمويل. كما تضمنت فعاليات اليوم العربي للشمول المالي لعام 2020، التأكيد على أهمية التثقيف المالي وخصوصاً لفئات الشباب والنساء، والدعوة لاستخدام التقنيات المالية الحديثة وتسريع الانتقال للخدمات المالية الرقمية، الأمر الذي يساعد في دعم وصول هذه الفئات للخدمات المالية المناسبة.

يذكر في هذا السياق، أن الصندوق في اطار أعمال مجموعة التقنيات المالية الحديثة التي أطلقها الصندوق في عام 2018، قد أصدر في أبريل 2020 المبادئ الإرشادية للهوية الرقمية الإلكترونية ومعرفة العميل إلكترونياً. من شأن تطبيق هذه المبادئ أن يساهم في المساعدة على إلحاق العملاء من النساء والشباب بالخدمات المصرفية، ويشجع البنوك على تقديم خدمات تنسجم واحتياجاتهم. ويعمل الصندوق بالتعاون مع المؤسسات الشريكة على توفير المشورة التي من شأنها تشجيع تطبيق الهوية الرقمية والانتقال للخدمات المالية الرقمية، التي ستستفيد منها فئة النساء.

كما أعد الصندوق أيضاً وبالمشاركة مع البنك الدولي، دراسة شاملة حول متطلبات توسيع نطاق الخدمات المالية المُقدمة للمزارعين والمجتمعات الريفية، تناولت مجموعة من التوصيات التي من شأنها تطوير التشريعات والبنية التحتية المعززة لتقديم خدمات مالية مناسبة لهذه المجتمعات. وبالطبع في ضوء المساهمة الكبيرة للمرأة في هذه المجتمعات، فالمأمول أن يساهم تطبيق توصيات الدراسة في تعزيز وصول المرأة العربية إلى الخدمات المالية الرسمية.

 

 

 

 

 

 

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى