“المالكين والمستأجرين” في قانوني الدفاع

 أ. د. ليث كمال نصراوين- يكثر الحديث هذه الأيام عن تبعات العمل بقانون الدفاع والأوامر الخطية التي قضت بوقف العمل في القطاعات التجارية على العلاقة التعاقدية بين المالك والمؤجر، وذلك فيما يتعلق بدفع الأجرة المستحقة على الانتفاع بالعين المؤجرة. ففي الوقت الذي يطالب فيه المؤجر المستأجر بضرورة الالتزام بدفع الأجرة في مواعيد استحقاقها، يتمسك المستأجر بأن حظر التجول وإغلاق المحلات التجارية قد حالات دون تمكنه من ممارسة نشاطه التجاري، وبالتالي عدم قدرته على الوفاء بالتزاماته المالية للمؤجر.

ومن خلال استعراض أحكام قانون الدفاع الحالي رقم (13) لسنة 1992، نجد بأنه لم يتضمن أي حكم قانوني ينظم هذه المسألة بنص صريح، حيث اكتفى المشرع بحكم المادة (11) والتي تعتبر عقد الإيجار المبرم موقوفا على إجازة المؤجر، وذلك إلى المدى الذي يكون فيه تنفيذ هذا العقد متعذرا. كما يشجع القانون الحالي طرفي النزاع على اللجوء إلى القضاء، وذلك من خلال السماح للمدعى عليه بالدفع بوجود حالة طارئة لمواجهة أي دعوى قضائية تقام أو أي إجراء يتخذ بحقه من قبل المؤجر جراء عدم التزامه بعقد الإيجار.

إن هذا الموقف التشريعي في قانون الدفاع الحالي قد جاء مغايرا عما قرره قانون الدفاع السابق لشرق الأردن لسنة 1935، والذي تضمن أحكاما واضحة تنظم مثل هذا الخلاف بين طرفي عقد الإيجار. فقد نصت المادة (5) من القانون الملغي على مجموعة من الصلاحيات المقررة لسمو الأمير أهمها إمكانية إصدار أمر دفاع يُؤجِل بموجبه الميعاد الذي يحل فيه استحقاق وتأدية أي بدل ايجار، وذلك للمدة التي يراها ضرورية أو عادلة. كما منح القانون السابق سمو الأمير الحق في أن يوقف تنفيذ أي حكم صادر عن أية محكمة حقوقية أو أية إجراءات قضائية تتعلق بتخلية المأجور، وذلك للمدة التي يراها مناسبة. وأجاز القانون الملغي لسمو الأمير أن يقرر استعادة التصرف بأية أموال مستأجرة في حالة عدم دفع بدل إيجارها، وذلك إذا رأى أن التنفيذ الفوري لأي من الأحكام والإجراءت القضائية المتعلقة بإخلاء المأجور تعد جائرة أو غير ملائمة للظروف الناشئة عن الحالة الطارئة.

إن ما تضمنه قانون الدفاع لسنة 1935 من نصوص تشريعية واضحة ترسم العلاقة بين المالك والمستأجر في ظل الأحوال الاستثنائية يعتبر أكثر تنظيما من القانون الحالي، الذي تخلى عن طرفي عقد الإيجار بشكل كامل، تاركا المجال لصاحب الحق في اللجوء إلى القضاء. وهذا الموقف من شأنه أن يزيد الأمر سوء لما يترتب على إقامة الدعاوى من أضرار مادية جراء طول أمد التقاضي، بالإضافة إلى التكاليف المالية المتمثلة برسوم المحاكم وأتعاب المحاماة.

من هنا، فلا بد للقائمين على تطبيق قانون الدفاع من الاسترشاد بأحكام قانون الدفاع لشرق الأردن لسنة 1935 لغايات حل الخلاف الحالي الدائر بين المالكين والمستأجرين في هذه الظروف غير الاعتيادية.

 

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى