هل تماسك مجتمعنا يجعلهم يحرقون دفاتر الديون بالتفاصيل

دفع سوء الظروف الاقتصادية للمواطنين وضعف قدرتهم الشرائية، وخصوصا بعد تداعيات جائحة كورونا وانعكاسها على قطاع السياحة، التاجر عبدالرحمن عصري الحمادين، لإحراق دفتر الديون الخاص بمحاله التجارية يوم أمس.

دفتر يحتوي على مئات أسماء المستدينين وآلاف الدنانير، إلا أن الحمادين فضلّ أن يصفح ويسامح بحقوقه تماشيا مع هذا الظرف الاقتصادي، الذي أثقل كاهل التجار والمواطنين على حد سواء.

يقول الحمادين أن الديون أرهقتنا جميعا، وخسائرنا كتجار جراء الجائحة كبيرة، إلا أنه من الواجب أن نتحلى بالتسامح والصبر، طلبا للأجر من الله عزّ وجل. لم تكن هذه الحادثة الأولى، وإنما أقدم تجار كثر وعلى مدار سنوات وأزمات متعددة، على إحراق دفاتر الديون، تماشيا مع الظروف الاقتصادية ووقوفا إلى جانب كل من يعجز عن سداد الدين بسبب سوء الظروف المعيشية وتدني الدخل. ويعد إحراق دفاتر الديون تقليدا تاريخيا، يدلّ على التسامح والتكافل بين أبناء مدينة وادي موسى. ففي ستينيات القرن الماضي أوصى أحد أشهر التجار في المدينة آنذاك الشيخ ضيف الله أبو فرج، أن يحرق دفتر ديون محله التجاري كوقوف منه إلى جانب الناس، الذين عانوا من ظرف اقتصادي صعب ومن سوء موسم الزراعة آنذاك.

يقول حفيده ماهر الفرجات، إن أباه وعمه قاما بإحراق دفتر الديون، دون النظر إلى أسماء من فيه والمبالغ المطلوبة منهم، وذلك تنفيذا لوصية والدهم، الذي آثر الوقوف إلى جانب أبناء بلده في ظرف اقتصادي صعب.

ويضيف الفرجات، أن هذه الحادثة وغيرها، لها أثر في أدخال البهجة والأمل لنفوس الناس، وتزيد من تماسك وألفة المجتمع، وتخفف وطأة قسوة المعيشة على كثيرين.

وفي حادثة أخرى ترويها الذاكرة الشفاهية المجتمعية، وفي ظرف معيشي صعب وبسبب سياسة الاتحاديين أبان حكم الدولة العثمانية وقبل انطلاق الثورة العربية عام 1916، أحرق موسى الطويسي أحد وجهاء المدينة آنذاك دفتر ديونه وقام بإعطاء المستدينين أموالا لشراء القمح خوفا من رحيلهم من المدينة، التي عانت إلى جانب الظروف السياسية، سنوات قحط وجفاف.

يذكر حفيده طارق الطويسي، أن الحادثة كان لها أثرطيب في نفوس الناس آنذاك، وهي دليل على المحبة والتسامح والأخوة وألفة بين أبناء المجتمع الواحد.

ويؤكد أن «حرق دفاتر الديون» بات تقليدا مجتمعيا يقدم عليه الكرماء وأصحاب النفوس الطيبة، وقوفا منهم إلى جانب المستدينين، ويستحق فعلا المحاكاة من قبل كل المقتدرين.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى