التوازن المطلوب في أداء الدولة….بلال حسن التل

من نافلة القول، تكرار الحديث عن خطورة جائحة كورونا، وضرورة العمل على مواجهتها بكل السبل المتاحة، لكن ذلك لا يعني إهمال سائر جوانب حياتنا وضرورة الاهتمام بها، بما يكفل استمرار هذه الحياة بشكل متوازن، وهو التوازن الذي لن يتم إلا إذا أدت أجهزة الدولة ومؤسساتها سائر وظائفها بطريقة طبيعية ومتوازنة، وضاعفت من عملها, حتى لا تكون جائحة كورونا مدخلا لجوائح أخرى، قد تكون أشد خطراً من الفيروس، كأن نترك الرأي العام الأردني نهباً للإشاعات، التي يغذيها تضارب تصريحات المسؤولين خاصة من لهم علاقة بالجائحة، وتنافسهم المحموم على الظهور الإعلامي من جهة، كما تغذيها من جهة أخرى الغرف السوداء التي تعمل بهمة عالية للفتك بجبهتنا الداخلية، التي تزداد وهناً على وهن، وهي التي كانت أقوى أسلحتنا وأمضاها، يوم كانت مبنية على المصارحة والمكاشفة بعيداً عن خداع الذات، وعدم احترام عقول الأردنيين، كما يجري في هذه الأيام، التي صارت فيها مصادر المعلومات متاحة للجميع، حول اي حدث كبر ام صغر، لذلك فإنه من المهم ان لاتشغلنا جائحة كورونا عن الاهتمام بتنظيم تدفق المعلومات للأردنيين، وقبل ذلك إدامة التواصل معهم، على خلاف ما يفعله الكثير من المسؤولين الذي يتذرعون بكورونا لتكريس سياسة الأبواب المغلقة من جهة، ولممارسة سلوك التسويف ولتأجيل، بحجة كورونا مع أن الأصل هو مضاعفة العمل والإنجاز لاحتواء تداعيات كورونا الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، ناهيك عن تداعياتها الصحية.
وعند مضاعفة العمل لابد من وقفة تأمل طويلة، لدراسة العيوب التي كشفتها الجائحة في مجمل بنياننا الوطني، وأول ذلك الثغرات في نظامنا الصحي من جهة النقص الحاد في بعض الاختصاصات كاخصائي التنفسية ناهيك عن النقص الحاد في التمريض وتخصصاته المختلفة، بالإضافة إلى سوء توزيع الكوادر والتخصصات الصحية على المناطق، وهو ماينطبق أيضا على الأجهزة والمرافق وغيرها من مشاكل القطاع الصحي في بلدنا كما كشفتها الجائحة، التي كشفت أيضا الكثير من عيوب نظامنا التعليمي.
وإذا كان هذا هو الحال في أهم قطاعين كنا نفاخر بهما، وهما الصحة والتعليم، فإن الحال في سائر القطاعات الأخرى تدعو إلى المزيد من القلق، وهذا كله يؤكد دعوتنا إلى ضرورة مضاعفة العمل بتوازن لمواجهة تداعيات كورونا ومابعد كورونا من جهة، والاستمرار بتحسين أداء جميع مرافق الدولة كل في مجاله، بدلا من نعتبر أنفسنا في اجازة فنتهرب من مواجهة الاستحقاقات كما يفعل بعض المسؤولين بدعوى التفرغ لمواجهة كورونا التي يزداد عدد ضحياها منا مع إزدياد وتيرة التصريحات الاستعراضية.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى