المسكنات والكلى.. كيف تزرع السم في جسدك؟

القرص الأصفر، أو كما ينعته بعض المرضى “السريع”، قصة دواء تحول إلى حلوى، لا يخلو منها بيت، ولا تغيب عن صيدلية واحدة؛ إذ يُقص ويُباع منفردًا بالقرص الواحد، فما أيسر الحصول عليه، وما أسرع أن يختاره المريض كلما نزل به ألم في جسده، أو ضاق به صداع في رأسه! وكيف لا؟ والسبل كلها مفتوحة، وهو دواء يباع دون وصفة طبية (OTC) يأخذه الصغير، قبل الكبير، في كل الأشكال والحالات، ولا أحد يسأل أحد، لماذا ستأخذه؟ وهل تعلم الطريقة المثلى لاستخدامه؟ فما بالك بجرعته، وموانع استعماله، وأخطار الاستمرار عليه لفترة طويلة، دون الرجوع إلى طبيب أو صيدلي، كارثة طبية بدأ غبارها ينتشر في الأقطار المختلفة، وبخاصة مصر، التي تدفع الضريبة الأعلى من سوء استخدامه، فما هي قصة المسكنات -مضادات الالتهاب غير الستيرويدية؟ وكيف نستخدمها بشكل صحيح؟ وما هي أضرارها؟ وكيف تعمل؟

 

ما هي مضادات الالتهاب غير الستيرويدية؟

العقاقير المضادة للالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) هي نوع شائع جدًا من الأدوية -الكثير منها متوفر بدون وصفة طبية- والتي يمكن أن تقلل الألم والالتهاب وتخفض درجة حرارة الجسم أثناء الحمى، ولها أيضًا بعض الآثار الجانبية غير المرغوبة مثل تقليل إنتاج المواد التي تحمي المعدة، ووقف الصفائح -الخلايا الحيوية في تكوين الجلطات لوقف النزيف- من العمل بفاعلية، وتقليل كمية الدم -بشكل كبير- التي تتدفق إلى الكليتين.

 

كيف تعمل المسكنات (NSAIDS)؟

تعمل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية عن طريق تثبيط إنزيم -مادة كيميائية تسبب تفاعلات كيميائية أخرى- تسمى إنزيمات cyclooxygenase يشار إليها أحيانًا باسم COX، وتمثل خطوة رئيسية حاسمة لإنتاج مواد كيميائية، تسمى (Prostaglandins) وهي مواد لها بعض الأدوار المختلفة، أحدها هو حدوث الالتهاب، والشعور بالألم ولذلك من خلال إيقاف الإنزيم، يتم إنتاجها بنسبة أقل مما يؤدي إلى تقليل الالتهاب وغياب الألم، وهذه هي الفكرة الرئيسية التي تقوم عليها المُسكنات.

 

ما أنواع المسكنات؟
هذه الأدوية فعالة عادة، ومع ذلك، من المهم إدراك أنه لا يوجد دواء آمن تمامًا بدون خطر، والعقاقير بشكل عام يجب استخدامها بعناية؛ فعندما تستخدم بشكل غير صحيح، يمكن أن تسبب مشاكل في الجسم

فئتا مضادات الالتهاب غير الستيرويدية “غير انتقائية” و “انتقائية” لكن فهم الاختلافات بينهما يتطلب المزيد من الشرح حول كيفية عملها؛ فإن إنزيم cyclooxygenase موجود بالفعل في شكلين مختلفين، COX-1 و COX-2، لكل منها مجموعة مماثلة ولكن مع اختلاف الوظيفة وCOX-2 هو الإنزيم المسؤول عن الالتهاب والحمى، في حين يقوم COX-1 بالفعل بأداء وظائف أخرى مثل حماية الغشاء المخاطي في المعدة -بطانة المعدة- من الحمض الذي تنتجه المعدة بشكل طبيعي، كما يلعب COX-1 دورًا في تكوين الصفيحات الدموية معًا لتكوين جلطات.

1- مضادات الالتهاب غير الانتقائية
مضادات الالتهاب غير الستيرويدية غير انتقائية هي عقاقير تمنع كلا النوعين من إنزيم (COX)، وبالتالي ترتبط بزيادة خطر حدوث قرحة في المعدة، ومن أمثلة مضادات الالتهاب غير الستيرويدية غير الانتقائية: الأسبرين، ديكلوفيناك، ايبوبروفين، نابروكسين، الإندوميتاسين، كيتوبروفين، بيروكسيكام.

2- مضادات الالتهاب الانتقائية
إن مضادات الالتهاب غير الستيرويدية الانتقائية تثبط فقط إنزيم COX-2، مما يسمح بإنتاج Prostaglandins التي تحمي المعدة، بينما تزال تقوم بدورها وتخفف الحمى والألم والالتهاب، مضادات الالتهاب غير الانتقائية الاختيارية هي: سيليكوكسيب، ميلوكسيكام.

ما هو استخدامها؟

يمكن أن تلعب مضادات الالتهاب غير الستيرويدية دورًا في علاج العديد من الحالات المختلفة التي يسببها الالتهاب أو الألم أو كلاهما، ويمكن استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية أيضًا في علاج: التهاب المفاصل الروماتويدي، النقرس الحاد، ألم الطمث، ألم العظام، الصداع والصداع النصفي، آلام ما بعد الجراحة، ألم خفيف إلى معتدل بسبب التهاب وإصابة الأنسجة، المغص الكلوي، التقليل من الآلام والأعراض المصاحبة للبرد والإنفلونزا، كما أنّ لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية خصائص لحماية القلب -الأسبرين أكثر شيوعًا- عن طريق وقف تشكيل الجلطات.

تأثيرها على الجسم

التأثيرات الأكثر شيوعًا:
الغثيان.
عسر الهضم.
قرحة المعدة.
الإسهال.
الصداع.
الدوار.
احتباس السوائل وارتفاع ضغط الدم.

التأثيرات الأقل شيوعًا، والمرتبطة بكثرة الاستخدام:
تقرحات المريء.
قصور في القلب (مع بعض الأنواع).
القصور الكلوي.
انقباض الشعب الهوائية.

تأثيرها على الكلى

هذه الأدوية فعالة عادة، ومع ذلك، من المهم إدراك أنه لا يوجد دواء آمن تمامًا بدون خطر، والعقاقير بشكل عام يجب استخدامها بعناية؛ فعندما تستخدم بشكل غير صحيح، يمكن أن تسبب أدوية الألم -المسكنات- مشاكل كبيرة في الجسم، بما في ذلك الكلى، والذي يعد أسوأ أضرارها، فوفقًا لمؤسسة الكلى الوطنية الأمريكية، فإن ما يصل إلى 3 في المائة إلى 5 في المائة من الحالات الجديدة للفشل الكلوي المزمن قد تحدث كل عام بسبب الإفراط في استخدام مسكنات الألم هذه، حيث تأثر في البناء الوظيفي للكلى وسلامتها على نحو مضر، وتقلل من إمدادها بالدم.

قواعد استخدام المسكنات

1.لا تستخدمها (إلا إذا كنت مضطرًا).
2.تأكد من قراءة الملصق التحذيري قبل استخدام أي مسكنات لا تحتاج إلى وصفة طبية.
3.لا تستخدم مسكنات الألم التي تصرف دون وصفة طبية لأكثر من 10 أيام أو أكثر من ثلاثة أيام للحمى.
4.إذا كان لديك ألم أو حمى لفترة أطول، يجب عليك زيارة الطبيب.
5.تجنب استخدام أدوية الألم التي تحتوي على مزيج من المكونات، مثل الأسبرين والأسيتامينوفين والكافيين المختلط في قرص واحدة.
6.إذا كنت تتناول الأدوية المُسكنة، فزِد كمية السوائل التي تشربها إلى 6 إلى 8 أكواب في اليوم.
7.لا تتناولها لفترات طويلة، ولا تنصح بها غيرك.

قد يكون للكريمات والمواد الموضعية المضادة للالتهاب والمسكنة التي تستخدمها مباشرة في مكان الألم قدرة فعالة في تقليله ومعالجته، إلى جانب أنها ذات آثار جانبية أقل من الأقراص أو الكبسولات
ما هي موانع الاستخدام؟

يجب ألا يتناول الأطفال والمراهقون المصابون بالعدوى الفيروسية (مع أو بدون حمى) الأسبرين أو المنتجات المحتوية على الأسبرين بسبب خطر متلازمة راي.
مرضى الكلى.
مرضى الكبد.
الحساسية المعروفة للأدوية، وخاصة الأسبرين.
قرحة في المعدة أو تاريخ سابق لنزيف قرحة.
مرض الجزر المعدي المريئي، المعروف أيضا باسم ارتجاع المريء ارتفاع ضغط الدم.
فشل القلب.
الربو يزداد سوءًا عند تناول الأسبرين.
الحمل في الفصل الثالث.
تاريخ من السكتة أو النوبات القلبية.
إذا كان عمرك فوق 65 سنة أو أكثر.
أي دواء معالج لأي حالة مما سبق ذكرها.

ما البديل الأمثل؟

بما أن مضادات الالتهاب غير الستيرويدية يمكن أن تسبب آثار جانبية مزعجة، فإنه يتم التوصية بالبدائل-في الغالب- أولاً، والبديل الرئيسي لتخفيف الآلام هو الباراسيتامول، والذي يتوفر بدون وصفة طبية وهو آمن لمعظم الناس، فيما عدى مرضى الكبد.

قد يكون للكريمات والمواد الموضعية المضادة للالتهاب والمسكنة التي تستخدمها مباشرة في مكان الألم قدرة فعالة في تقليله ومعالجته، إلى جانب أنها ذات آثار جانبية أقل من الأقراص أو الكبسولات، قد يكون طبيبك قادرًا أيضًا على التوصية بأدوية وعلاجات مختلفة وفقًا للحالة التي لديك، على سبيل المثال، قد يساعد العلاج الطبيعي بعض الأشخاص الذين يعانون من آلام في العضلات أو المفاصل.

إن استخدام المُسكنات، لفترات طويلة، وبصورة غير منظمة، عادة صحية خاطئة، ورغم صغرها، في عيون الكثيرين، إلا أنها تتسبب بعد ذلك في نتائج كارثية، قد تصل في بعض الحالات إلى أمراض مزمنة، لا شفاء منها، ومن ثَمَّ على المجتمع كله، بداية من الصيادلة والأطباء -الذين تخل الغالب منهم عن ضميره الإنساني- ومرورًا بالمنظمات الصحية، والدوائية، بتوعية الناس، بمخاطر الاستخدام المُفرط للمسكنات، وصولًا إليك أنت عزيزي القارئ، فتحدث إلى زملائك وأسرتك، عن خطر الموضوع، وشارك المقال في محيطك المجتمعي،

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى