حجج دامغة بشأن تحرير منطقة الكركرات في الصحراء المغربية.

عمان – ياسر علاوين العبادي.
بعد أن لوحظ أقصى درجات ضبط النفس في مواجهة الاستفزازات الخطيرة للغاية لما يسمى بجبهة “البوليساريو” ، التي قامت بأغلاق المعبر الحدودي للكرارات في تاريخ 21-اكتوير 2020، وبذلك تحمل المغرب مسؤوليته، وقرر التحرك من خلال عملية محدودة في الزمان والمكان، وفي إطار صلاحياته من حيث الشرعية الدولية، من أجل استعادة حرية الحركة التجارية وتنقل الأشخاص بمنطقة الكركرات، تلك النقطة الحدودية الرابطة بين المغرب وموريتانيا، وبين افريقيا وأوربا عبر المملكة المغربية والتي تعتبر بوابة أمان التنقل الإنسانية والتجارية للمنطقة برمتها.
كعادته في ظل سياسة قيادته العليا بضبط النفس ألى ابعد الحدود فالمغرب لم يتخذ هذا القرار إلا بعد إعطاء الوقت الكافي للمساعي الحسنة التي بذلها السيد الأمين العام للأمم المتحدة، والمينورسو، ذلك أن المغرب لم يتوقف قط عن تنبيه مجلس الأمن والسيد الأمين العام للأمم المتحدة من خلال ما لا يقل عن سبع رسائل رسمية ومحاولات يومية، وللتذكير فإن هذا الحصار الذي أقحم مدنيين ونساء وأطفال كان يؤطره عناصر مدججة بالسلاح، وصاحبه أعمال تخريبية للطريق الرابط بين المغرب وموريتانيا، وما رافقه من الاستفزازات في حق القوات المسلحة الملكية المغربية، التي أبانت قدرة عالية في ضبط النفس وعدم الرد بقسوة رغم قدرتها على ذلك.
من جهة أخرى، لقد أدى هذا الحصار إلى انتشار واسع للأسلحة في المنطقة العازلة، تحت اثني وعشرين خيمة نصبتها البوليساريو، في انتهاك صارخ لوقف إطلاق النار ولقرارات مجلس الأمن وقد لاحظت قوات المينورسو الأممية وجود عناصر مسلحة من البوليساريو ووثقت ذلك.
إن الاستفزازات البالغة الخطورة للبوليساريو هي جزء من استراتيجية مفتوحة للتشكيك في وقف إطلاق النار الساري لمدة ثلاثين سنة، من خلال دعوات صريحة للحرب وأعمال تهدف إلى تعديل الوضع القانوني وتاريخ المنطقة في الشرق والجنوب من الجدار الأمني، وقد ظلت المنطقة الحدودية لمعبر الكركرات الرابطة بين المغرب وموريتانيا، فضاء مفتوحا فقط للحركة التجارية والمدنية، ومجالا حيويا لمنطقة غرب أفريقيا بأكملها، ويشكل انسدادها وحصارها هجوما مباشرا على السلم والأمن الإقليميين في المنطقة قاطبة.
والجدير بالذكرأنه لم تقدم أي دولة في العالم بدعمها لأعمال البوليساريو الهادفة إلى زعزعة استقرار المنطقة، باستثناء الجزائر التي سخرت أجهزتها الصحفية الرسمية لخدمة الدعاية الانفصالية، رغم مطالبات من قبل الجزائريين بضرورة حل النزاع القائم بالطرق الودية وهذا ما طالب به العديد من المثقفين والكتاب في بيانات وجهت الى دولتهم بهذا الشأن، كما أن العديد من قادة الدول العربية ساندوا المغرب في قضيتهم العادلة لحفظ الامن والسلم في هذه المنطقة، فموقف الاردن الثابت والراسخ في الاتجاه يتجلى من خلال تشديد الملك عبد الله الثاني على “موقف المملكة الثابت في دعم الوحدة الترابية للمغرب، وجهود التوصل لحل سياسي لمشكلة الصحراء المغربية وفق قرارات الشرعية الدولية”.
وفي سياق أخر للوقوف على ما حدث فعليا، وللتوضيح، فإن الأمريتعلق بعملية غير قتالية أو بنية هجومية، حيث تم اتباع قواعد واضحة تنص على تجنب أي احتكاك بالمدنيين، واللجوء إلى استخدام السلاح فقط في حالات الدفاع عن النفس، بهدف تأمين تدفق وانسيابية السلع والأشخاص بين المغرب وموريتانيا من خلال إقامة حزام أمني، ولقد أسفرت هذه العملية ذات الطابع السريع والدقيق، مع مراعاة قواعد محددة جيدا، إلى هروب المدنيين المتواجدين بعين المكان، وإضرام العناصر المسلحة النار في الخيام، بهدف إخفاء آثار النوايا الحقيقية وراء الحصار، الذي هو زعزعة الاستقرار بنشر أسلحة ثقيلة في المنطقة وخلق وهم بوقوع اشتباكات مسلحة بين القوات المسلحة الملكية والانفصاليين ولم يسجل وقوع أي إصابات أو أي حالات جرحى من خلال هذه العملية، وهنا تبرز بشكل جلي حنكة وبيديهية القايدة العليا المغربية بتنفيذ أوامر الملك محمد السادس بالتدخل وفق عملية سلسة اساسها حفظ الامن والمحافظة على الانسان والمواطن قبل أي شيء آخر، ووفقا لذلك تم إقامة حزام أمني حول ممر الكركرات، ستمكن هذه العملية، وبشكل نهائي، من تجنيب تكرار الاستفزازات الخطيرة للغاية للبوليساريو، بالمنطقة مستقبلا، والتي هي لغاية اليوم منطقة عازلة.
إن هذه العملية تضع حدا لعمل غير قانوني وخطير للغاية يزعزع الاستقرار، الأمر الذي يدعو إلى التشكيك في استدامة اتفاقية وقف إطلاق النار ويهدد السلم والأمن في المنطقة بكاملها وما وراءها. إن إغلاق وحصار المنطقة هو فعلا تحد لمجلس الأمن الذي طالب البوليساريو بالامتناع عن أي عمل يزعزع الاستقرار في شرق وجنوب الجدار الأمني، وللأمم المتحدة التي أطلقت ثلاثة نداءات للحفاظ على حرية الحركة المدنية والتجارية بالمنطقة.
ولقد أكد جلالة الملك محمد السادس خلال المكالمة الهاتفية التي أجراها مع الأمين العام للأمم المتحدة في 16/11/2020، أن المغرب لا يزال متمسكا بشدة بالحفاظ على وقف إطلاق النار، وبنفس الحزم، تظل المملكة المغربية عازمة على الرد بصرامة وفي إطار الدفاع عن النفس ضد أي تهديد لأمنها وطمأنينة مواطنيها وللمنطقة برمتها.
كما أكد جلالة الملك محمد السادس، للسيد الأمين العام للأمم المتحدة، أن المغرب سيواصل دعم جهود الأمين العام، في إطار المسلسل السياسي، الذي ينبغي أن يستأنف وفق معايير واضحة، مع إشراك الأطراف الحقيقية في النزاع الإقليمي الذي يفضي إلى حل واقعي وقابل للتحقيق في إطار سيادة المملكة المغربية.

 

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى