رحاب محمد القضاة تكتب : اغتيال علمائنا في الوطن العربي ظاهرة ليست جديدة

و لم تبدأ مع “الربيع العربي” فقط، كانت مع بداية ما سمي بعصر “النهضة العربية”، في خمسينيات القرن الماضي، الوقت الذي شهد العالم العربي عدة اغتيالات لعلماء عرب، تميزوا في تلك الفترة.

ففي عام 1956 اغتيلت عالمة الذرة المصرية سميرة موسى، عقب زيارتها مفاعل نووي أمريكي في الولايات المتحدة، وفي عام 1977 وفي قلب جامعة دمشق تم اغتيال المفكر السوري الذي وصف بأنه “رجل القانون الأول في العالم” د. محمد الفاضل، وفي عام ١٩٨٠ اغتيل العالم النووي المصري الدكتور يحيى المشد بباريس الذي كان يعمل لصالح المشروع النووي العراقي. لتستمر الحوادث إلى العام 1993 حيث وجد المفكر “عبقري الجغرافية” المصري جمال حمدان محروقا.

الظاهرة تتكرر ولن تقف عند هؤلاء العلماء رحمهم الله

منذ عام 2003، وبحسب إحصائية نشرت في بغداد حوالي 250 أستاذا جامعيا قضوا عن طريق الاغتيال والتصفيات الجسدية خلال الستة عشر شهرا الأولى من دخول الجيش الأمريكي الأراضي العراقية، حيث شملت حملة الاغتيالات أساتذة من مختلف الاختصاصات، منهم رئيس جامعة بغداد د. محمد عبد الله الراوي و د. سعد الوتري: أحد اشهر أطباء جراحة الأعصاب والجملة العصبية، و د.حسين ياسين عالم الفيزياء والقائمة تطول.

مع بداية الأزمة السورية عام 2011، ظهرة حالات الاغتيال مجدداً على الساحة السورية شملت الكثير على مدى أعوام الأزمة كان منها، اغتيال خمسة مهندسين في مجال الطاقة النووية، في هجوم استهدف حافلة كانت تقلهم في دمشق، والقائمة تطول.

ففي عام 2018 تم تسجيل أكثر من 6 عمليات اغتيال لعلماء عرب منهم:

· عالم الصواريخ السوري الدكتور عزيز اسبر في مصياف

· م. هشام سليم مراد، طالب لبناني تخصص فيزياء نووية، اغتيل في فرنسا

· حسن علي خير الدين، طالب لبناني في كندا، بسبب أطروحة الدكتوراة.

· م. ايمان حسام الرزة، نابغة فلسطينية، ومستشارة في الكيمياء وجدت مقتولة في مدينة رام الله.

· فادي محمد البطش الفلسطيني دكتور مهندس في الهندسة الكهربائية، اغتيل في ماليزيا.

من هو المسؤول؟

أغلب الصحف وقنوات الاعلام العربية وجهت أصابع الاتهام إلى دول خارجية مثل أمريكا وإسرائيل، حيث تم الاستناد على مقالات ومراجع إعلامية في تلك البلاد، في حين لم يصدر تصريح رسمي ومباشر وصريح، بتبني عمليات الاغتيال من قبل أي طرف دولي.

هناك الكثير من عمليات الاغتيال تمت بالاستعانة بأطراف داخلية، بسبب الموقف السياسي لهؤلاء العلماء، أو انتقاماً من الجهات التي عملوا لصالحها، وهو ما حدث مؤخراً ويحدث في كل من دولنا العربية.

ان اغتيال العقول والأدمغة العربية لن يوقف مسيرتنا
ومسيرة محور المقاومة العربية في حربها ضد الإرهاب لأنها قادره على امتلاك أسباب القوة وأسباب الصمود وتحقيق النصر على ” الكيان الإسرائيلي” الزائل ليس اليوم فقط وإنما اليوم وغداً وفي المستقبل، ورايات النصر باتت ترفرف في الأفق بمشيئة الله.

يشكّل اغتيال العُلماء والباحثين والمفكّرين والفنانين عند الدول الراعية للإرهاب، وعلى رأسها الإدارة الأميركية والكيان الإسرائيلي؟
هل هو العجز أمام تلك العقول المُبدِعة؟

وهل تشعر تلك القوى بالضعف أمامها كونها تشكّل خطراً حقيقياً لوجودها كون الحروب الحديثة في العالم لم تعد عسكرية بل هي حروب الأدمغة، ومن ينتصر في أية حرب هي الأدمغة والعقول التي تدير الحروب بعقولها وبفكرها وهي التي ترى ما لا يراه الآخرون؟

إن تلك الحروب الدنيئة على العقول العربية تعكس حال الهيستيريا التي يعيشها الغرب من التطوّر الذي قد تحقّقه الدول العربية على كافة الأصعدة، ولذلك ليس غريباً أن نرى أن تلك الدول لا تكتفي بالحروب العسكرية والإعلامية والاقتصادية والثقافية بل إنها تعمد إلى قتل تلك العقول لمنع الدول العربية من امتلاك أسباب قوّتها وتطوّرها.

وقد قالت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة
مادلين أولبرايت إبان احتلال العراق: ماذا نستطيع أن نفعل مع العراق غير تدمير عقوله التي لا تستطيع القنابل أن تدمّرها؟
حيث قامت الإدارة الأميركية إثر احتلالها للعراق عام 2003 بتهجير العقول والأدمغة العراقية وقتل مَن تبقّى منهم داخل العراق من خلال أذرعها التي كانت منتشرة داخل القطر العراقي الشقيق.

كشف كتاب “إنهض واقتل أولاً” للكاتب الصهيوني روبين بيرغمان تاريخ الاغتيالات التي قام بها الكيان الصهيوني، أن الموساد اغتال منذ الخمسينات أكثر من 2700 من العلماء والسياسيين في الوطن العربي، حيث تمت تصفية عُلماء عرب كثر وشخصيات بارزة في ظروف غامضة حملت بصمات جهاز الموساد الإسرائيلي ومن بينهم الفنان ناجي العلي الذي كان يُرعب الصهاينة برسومه الكاريكاتورية التي تكشف جرائمهم البشعة والمجازر التي كان الكيان الإسرائيلي يرتكبها يومياً في فلسطين المحتلة، إضافة إلى اغتيال المقاومين عماد مغنية وسمير القنطار ومن العلماء: اللبنانيان حسن كامل الصباح وحسن رمال، والمصريان نبيل القليني ورفعت همام ،والفلسطيني نبيل أحمد فليفل وغيرهم ضمن قائمة طويلة.
مَن على عينه غشاوة او بعض الغبش فليدقّق النظر ويدرك الحقيقة التي لا مهرب منها.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى