التنمر على الحكومة وخطأ المفهوم

اعتقدت وأنا أقرأ تعليقات البعض, تعقيباً على المؤتمر الصحفي للحكومة يوم السبت الماضي, للتذكير بضرورة إلتزام المواطنين بتعليمات السلامة العامة, خشية من اضطرارها للتراجع عن الإجراءات التخفيفية, أن الحكومة شنت حملة أعتقالات, وأنها بصدد التعامل مع المواطنين بالويل والثبور, مما اضطرني للعودة إلى موقع وكالة الأنباء الأردنية لأقرأ الرواية الرسمية لما قاله الوزراء, فوجدتني أقرأ خطاباً متوازناً, يشيد بالأكثرية التي التزمت, ويحذر البعض الذي لم يلتزم بأن تصرفه “قد” يضطر الحكومة إلى التراجع عن الإجراءات التخفيفية.
لم يخرج كلام سائر الوزراء الذين شاركوا في المؤتمر الصحفي عن اللغة والمفردات الناعمة, في رجائهم للمواطنين للإلتزام بإجراءات السلامة العامة, وتحذيرهم من عواقب عدم الإلتزام, وهو التحذير الذي مارسه عدد من ممثلي مؤسسات المجتمع الأهلي كرئيس غرفة تجارة عمان الذي نشرت له بعض المواقع الإخبارية تصريحات يؤكد فيها أن إلغاء الحظر الشامل لا يعني أننا في آمان.
أما وزير الأوقاف فقد ذكر بمقاصد الشريعة الإسلامية وأولها حفظ النفس البشرية, وعند حفظ النفس لابد من وقفة للقول: أنها أول واجبات ولي الأمر, وهي في حالتنا الحكومة، التي عليها إنفاذ القانون, لحماية المجتمع ممن يحاول تهديد سلامته, من الذين لايلتزمون بإجراءات السلامة, فيهددون حياتهم وحياة غيرهم مما يوجب على الحكومة الضرب على أيديهم لردعهم, وهنا تبرز عظمة قول الله “ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب”, وكذلك كان التعزير باباً من أبواب العقوبة, بترك تقديره لولي الأمر لحماية المجتمع, ومع ذلك فإن الحكومة لم تهدد غير الملتزمين ممن يهددون سلامة المجتمع كله لا بالحدود ولا بالتعزير, لكنها رجتهم أن لا يضطروها للتراجع عن إجراءات التخفيف, فلماذا أثار أبطال العوالم الافتراضية, الذين يمارسون بطولاتهم من وراء الشاشات, على ماورد في الإيجاز الصحفي, وكأنه ليس من حق الحكومة أن تحذر, بل وأن تردع من يهددون سلامة المجتمع, فهي إن لم تفعل كانت مقصرة متهمة بالتراخي والتساهل والغياب, كما حدث في فترات سابقة, ومع حكومات سابقة؟.
الجواب على هذا السؤال هي أن البعض من هواة السياسة, يفهمون المعارضة بأنها إطلاق الاتهامات جزافاً, والوقوف في الصف الآخر من كل ما تقوله الحكومة, حتى وإن كان صوابا, بينما تنحاز المعارضة الحقيقية والراشدة في كل دول العالم إلى الحكومة, عندما تتخذ موقفاً أو قراراً صائباً, وتعارضه بطرح البديل العملي عندما تخطىء, بعكس ما يمارسه بعض الذين يصنفون أنفسهم بالمعارضة في بلدنا, فهم دائماً في الصف الآخر يبحثون عن السلبي لإبرازه ولا يقدمون برامج قابلة للتطبيق وفي هذا الإطار جاء موقفهم من الإيجاز الصحفي الحكومي يوم السبت الماضي.
ما أريد أن أقوله أن بعض المعارضين في بلدنا يفهمون المعارضة خطأ فبعضهم يسعى إلى إثبات حضوره ولفت الأنظار إليه, أما بعضهم الآخر فينطبق عليهم المثل ” مش رمانه بس قلوب مليانه” حمى الله بلدنا من كلا الفريقين.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى