ما لم تعرفه عن مملكة الأنباط المجهولة-رحلة في اتجاه واحد

مكان يملأه الغموض الغبار والحجارة ممر ساحر محفور في جوف الصحراء و في تاريخ الأردن و فجأة في نهاية هذا الواد الجاف كما يسميه البدو تظهر مدينة “البتراء” كحلم أسطوري المدينة الأيقونية لبوابات البلاد العربية التي غنوها منذ العصور القديمة  فيها مباني فخمة في كل مكان كما أن التفاصيل الممزوجة بالتأثيرات اليونانية و الرومانية و الشرقية تمنح الموقع سحرا خياليا فهي حلم شعب من العصور القديمة حارب لأكثر من سبعة قرون ليبعث الحياة فيها إنه شعب الأنباط ، إنها مدينة غنية جدا إذ يمكن الحفر لنجد فيلات تضم تماثيل و لوحات جدارية و حمامات خاصة ، بداية كان شعبها من البدو و القوافل و كانوا يتحدثون بلغة الآرامية فاستقروا في القرن السادس قبل الميلاد في هذا الواد الواقع عند مرتفعات جبال “مبرك” و تحيط بالوادي ينابيع و نقاط مياه فوق مستوى سطح البحر لا تعد و لا تحصى ، و لقد حفرت في الماضي الطريق الصخري المذهل الذي يسمح للوصول إلى “البتراء” الأنباط هم خبراء الصحراء لذلك استفادوا من هذه المياه كثيرا و مازالت هذه المدينة موجودة بسبب القدرة الاستثنائية لإدارة المياه فهي تقع في بيئة قاحلة يصل معدل الامطار فيها إلى أقل من 100 ملم في السنة ، توضح الأوصاف القديمة أنها كانت مدينة خضراء خصبة حيث وجدت فيها العنب و الزيتون و الدراق و الكثير من الفواكه كما استفاد الانباط من موقعهم الجغرافي لان البتراء تقع في منتصف الطريق بين موانئ جنوب شبه الجزيرة العربية حيث تتلاقى التوابل والسلع  الكمالية القادمة من الهند و العالم اليوناني و الروماني الذي يستوردها منها ، كما أنها بوابة الدخول الى الصحراء ، كان وادا خطيرا لا تعرفه إلا قوافل الأنباط هكذا تدفقت الثروة قبل القرن الأول قبل الميلاد و تحولت الخزنة في مدخل المدينة حينها إلى اشهر المعالم في الأثرية فيها  .

كانوا يعبدون الاله النبطي الرئيسي الذي يسمى “دوساريس” و” ذو الشرى “باللغة الآرمية و هو موجود كثيرا في النقوش ، و سرعان ما أثار ثراء البتراء أطماع روما و بات الملوك الانباط تابعون للجيش الروماني و اصبحت الرومنة سارية المفعول و تزينت المدينة بجميع الهياكل المنتشرة بالعالم الروماني.

تم اكتشاف مسرح روماني كبير و  حمامات رومانية نموذجية أقيمت على حافة منحدر مطل على وسط مدينة البتراء كما وجدو “الكالديريوم” و هو بمثابة غرفة ساخنة للاستحمام و المسبح الساخن وأيضا توجد كنيسة مكرسة لمريم العذراء و قبر “الجرة” هو قبر قبطي برزت أهميته خلال الحقبة البيزنطية نحو القرن الخامس حين تحول الى كنيسة

في عام 363 ضرب زلزال المنطقة و سبب دمارا لا تزال مباني المدينة القديمة تحمل اثره ، و عندما أصبح البتراء تابعة للعثمانيين منعوا دخول الأجانب اليها ، و اختفت المدينة من ذاكرة الغربيين في نهاية الحروب الصليبية و تعين انتظار الاكتشاف فقد اثارت إعادة اكتشاف الموقع عام 1812 اهتمام الغربيين و تم الاعتراف به أخيرا انه “البتراء” القديمة و بدا الحماس منذ ذلك الحين فتوافد المسافرين و بداة الأعمال الاثرية الأولى بعد نحو 100 عام أصبحت “البتراء” من بين المواقع الثقافية و السياحية الرئيسية  في الأردن فهي لا تزال شامخة رغم ويلات الزمن و بذالك استعادت المكانة التي كانت تحتلها قديما و اعادت احياء التراث النبطي.

منقول من موقع الشرقNOW.

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى