“عرس الذيب” و”سن الغزال” أساطير وخرافات تعيش مع الجزائريين

تزخَر الجزائر بموروثات ثقافية واجتماعية يعود تاريخها إلى أزمنة غابرة، وتجمع بين الطريف والخيالي. ويُصر كثير من الجزائريين على المحافظة عليها كإرث تقليدي من خلال المداومة على استحضارها وتداولها. وفي كل مرة يحل فصل الشتاء، يتحدث الناس عن أسطورة قديمة جداً لازمت سكان الجزائر منذ مئات السنين، معُروفة بـ “عرس الذيب”. وتُعدّ “تّريذ  أو ووشّن” كما يَسميها بعض أمازيغ الجزائر، أسطورةً من التراث الجزائري، تحمل في طياتها رسائل نبيلة، كضرورة احترام الطبيعة، وتحمل المسؤولية، والوفاء بالنذر والعهد، وتقديس الزواج والروابط الأسرية للحفاظ على اللُحمة الاجتماعية.

أسطورة الذئب
ويعتبَر خالد (25 سنة) من ولاية البليدة (تبعد 45 كيلومتراً عن العاصمة)، أحد الشباب الذين لا تفارق أسطورة الذئب مُخليته لدرجة أنه يعتبرها تراثاً جزائرياً خالصاً له دلالات عميقة. ويقول “عندما أسمع عنها أتذكر مدى عمق تراثنا، فلكل ظاهرة كونية حكاية ترويها جداتنا من خلال أساطير مشوقة تجعلنا نسبح في عالم الخيال. سمعت قصتها عن جدتي وما زلت استحضرها في كل مرة يتساقط المطر تزامناً مع سطوع الشمس”.
ويروي جزائريون في تفاصيل الأسطورة أنه في القديم كان هُناك ذئب بلغ سن الزواج، لكنه كان دائماً ما يتهرّب من الزواج لخوفه من المسؤولية، واعتياده حياة الترف، فألحّ عليه الذئاب كي يتزوج. الأمر الذي جعله يضع شرطاً تعجيزياً ظن أنه يستحيل أن يتحقق، فقال لرفاقه “لن أتزوّج إلا في يوم تتساقط فيه الأمطار وتكون الشمس ساطعة، والسماء زرقاء، وتظهر فيها ثيسليث أوجنّا” (كلمة أمازيغية تعني عروس السماء ويُقصَد بها قوس قزح)، لكن خاب ظن الذئب عندما ظهرت سُحب في السماء وبدأت الأمطار تتساقط، ثم سطعت الشمس وظهرت “عروس السماء”، فأيقن الذئب آنذاك أن لا مفر من الزواج، ونظّم له إخوته أجمل حفل زفاف حضرته كل حيوانات الغابة وحتى البشر. ووثّق الأجداد هذا اليوم بتسميته يوم “عرس الذئب”.

رسالة إلى الشمس

إضافة إلى “أسطورة الذيب” التي استطاعت أن تُحافظ على وجودها في المخيال الجمعي لدى الجزائريين، وجدت بعض العادات الغريبة أيضاً مكانتها في المجتمع الجزائري، وذلك على الرغم من مرور آلاف السنين على وجودها، من بينها ما يُطبقه بعض الأطفال عن غير وعي وإدراك عندما يسقط سن من أسنانهم، مثل الطفل رفيق (10 سنوات) من ولاية تيزي وزو (60 كيلومتراً شرق العاصمة) فيلقي بسنه صوب الشمس ويخاطبها قائلاً “أعطيتك سِن حمار أعطيني سِن غزال”.
عن هذه العادة، يروي الشيخ مبارك الميلي، عضو جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في كتابه “تاريخ الجزائر القديم والحديث”، أنها “عادة متوارثة عن سكان الجزائر ممَن كانوا يعبدون الشمس”، ويضيف أن “الديانة التي عرفها الأثريون لدى قدماء الجزائر وهي عبادة الشمس والقمر (وهما من معبودات المصريين)، وعبادة بعض الحيوانات، منها القرد والثور والكبش والتيس. وقد وقع شعبنا في ما يقرب من هذه الوثنية، فمن آثار عبادتهم للشمس أن الولد حينما يثغر وتسقط سِنُه يرمي بها إلى الشمس، ويقول لها في بعض الجهات الشمالية: أعطيتك فضة أعطني ذهباً، وفي بعض الجهات الجنوبية: أعطيتك سن حمار أعطيني سن غزال”.
في المقابل، يتداول جزائريون في مناطق مختلفة طبائع أقرب إلى الخيال للتنفيس والخروج من الرتابة، منها ما يبشر صاحبها بالخير ومنها ما ينذره بوقوع شر أو أمر سلبي، فإذا صادف مثلاً أن سقط على رأس أحدهم فضلات من الطيور فذلك مؤشر على الغِنى، وإن صادف أن أحس أحدهم بحَكة على مستوى الظهر فذلك مؤشر على أن هناك مَن يغتابه في تلك اللحظة، وإذا أحس بحكة على مستوى يده اليمنى فذلك يعني أنه سيتقاضى أموالاً طائلة، أما إن كانت على الجهة اليسرى فذلك يعني أن صاحبها سيُضيع أموالاً.

منقول من موقع اندبندنت عربية.

 

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى