رسول الملك وسؤال برسم علماء الاجتماع

في كل الأعراف، وعلى مدار التاريخ الإنساني، كان للرسل احترامهم، حتى عندما يكونون من طرف محارب إلى الطرف الذي يحاربه، وفي الحالات القليلة التي كان يتم بها الاعتداء على الرسل، كان المعتدي يلام ويعاقب، بل لقد كانت تقوم بسبب ذلك الحروب، وكل من يقرأ تاريخ أمتنا يعرف أن السبب المباشر لمعركة مؤتة، هو إقدام شرحبيل بن عمرو الغساني على قتل الحارث بن عمير الأزدي رسول رسول الله إلى حاكم بصرى يدعوه فيها للإسلام.
مناسبة التذكير بهذه الحقيقة التاريخية، والقاعدة الثابتة من قواعد العلاقات البشرية، هو ما تعرض له رسول جلالة الملك عبدالله الثاني معالي رئيس الديوان الملكي يوسف العيسوي عندما ذهب يوم فاجعة السلط إلى هناك لمتابعة تنفيذ التوجيهات الملكية، حيث قام بعضهم بالإساءة للسلط وأهلها، قبل الإساءة للرجل، من ثم الإساءة لكل الأردنيين الذين ما عتادوا الاساءة للضيف، فكيف يسيئون لرسول ملكهم؟! الملكف بمتابعة تنفيذ توجيهات جلالته، لتضميد جراح السلط ومعالجة آثار الفاجعة التي ألمت بالمدينة، بما عرف عن الرجل من إصرار على المتابعة ودقة في التنفيذ، وهو ما يشهد له به كل الأردنيين الذين يشاهدون الرجل يجوب أعماق صحاريهم، ويتسلق اعالي مرتفعاتهم، ويصل إلى أعماق وديانهم، حاملاً لهم الخير الذي يأمر به قائدهم، مدارس لتعليم أبنائهم وبناتهم، ومستشفيات ومراكز صحية لمعالجة مرضاهم،وأندية شبابية تصقل شخصيات شبابهم وتفجر طاقاتهم، ومساكن تحفظ كرامة ضعفائهم وتزويج لبعضهم لحفظ عفافهم، وحافلات لأصحاب الاحتياجات الخاصة منهم، وهذه كلها بعض أهداف المبادرة الملكية التي انتدب لها جلالته رئيس ديوانه يوسف العيسوي وفريقه، فكانوا عند حسن ظن القائد بهم، يسعون لتوفير سبل العيش الكريم، وتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للأردنيين، على امتداد مساحة الوطن، سعياً للوصول إلى أردن العدل والمساواة، وقبل ذلك تكافؤ الفرص والتكافل الاجتماعي، فصار الرجل ومن معه، رسل خير وبركة، يعرفهم الأردنيين من العقبة إلى الهضبة، يؤدون واجبهم نحو وطنهم وقائده، بتفاني وإخلاص، وقبل ذلك بتواضع ومحبة، وألا دلوني على رجل أو أمرأة أغلق العيسوي بابه في وجهه.
لذلك كله نقول: أن ما حدث في السلط لم يصب يوسف العيسوي بسوء، لكنه أساء للسلط،وأساء لقيمنا وأعرافنا وتقاليدنا، وهي إساءة تثير سؤالاً خطيراً خلاصته: مالذي جرى لمنظومة القيم التي كانت تحكم مجتمعنا، وتجعل الاحترام هو قاعدة التعامل بيننا، ومن هم أولئك الذين يريدون إحلال التطاول محل الاحترام في التعامل بيننا؟ سؤال برسم علماء الاجتماع في بلدنا.

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى