حكومة الخصاونة” على أعتاب التعديل الوزاري الثالث في شهرها السادس

تقترب حكومة بشر الخصاونة من موعد تعديلها الوزاري الثالث، مطلع الأسبوع الحالي، بعد أزمات مركبة واجهته بفعل تقصير في أداء وزرائه، وتطبيقه لنظام حاسم في إقالة كل من يطاله الرأي العام بنقد مستند لحقائق، أو تقارير أمنية تحدثت عن تجاوزات مرصودة.

 

وكرّس الرئيس الخصاونة سابقة بين الحكومات في سرعة استجابته لإقالة أي وزير راكم في أدائه التجاوزات أو شبهات التقصير والإهمال.

 

واستخدم لغة مباشرة عند خروجه للرأي العام، معدداً أسباب لجوئه في معاقبة الوزراء المخالفين لتقاليد العمل العام في البلاد؛ بأن المسؤولية الأدبية والسياسية تحتم على أي مسؤول تقديم استقالته حتى لو ابتعد مباشرة عن المسؤولية الميدانية لحظة وقوع الخطأ.

 

ولكن رغم مواجهته الشرسة في البيان والحجة لدى دفاعه عن قراراته في التعديلات الوزارية التي خطط لها على أساس من تقييم الأداء، لم يسلم الرئيس نفسه من المطالبات بتقديم استقالته بوصفه المسؤول التنفيذي الأول الذي يتحمل مسؤولية أي خطأ أو تقصير، وبصفته الوزير الأول الذي يلتف حوله المقصرون.

 

صمم رئيس الوزراء سابقة في محاسبة الوزراء المقصرين، منذ إقالة وزير الداخلية اللواء توفيق الحلالمة، عشية ظهور نتائج الانتخابات النيابية في العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

 

حصلت الإقالة في أعقاب خروج مواكب الاحتفالات بفوز مرشحين، بعد دخول قرار الحظر الشامل الذي عاشته البلاد لمدة أربعة أيام فور انتهاء عمليات الاقتراع.

 

وعبر صور وفيديوهات بثها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، أظهرت تجاوزات كبيرة في إطلاق الأعيرة النارية وسط تجمعات كبيرة، ظهر الخصاونة، وإلى جانبه قائد الجيش يوسف الحنيطي ومدير الأمن العام حسين الحواتمة، ومن ثم أعلن قبول استقالة الحلالمة من منطلق مسؤوليته الأدبية في عدم ضبط انفلات الشارع.

 

ووسط استهجان إقالة الحلالمة، بدلاً من مدير الأمن العام الحواتمة يومها، وهو المسؤول المباشر عن إدارة العمليات في الميدان، فاقم الحواتمة من أزمة الحكومة مع الشارع بعد تصريحاته تلك الليلة، وفيها انتقد نواباً رعوا تجاوزات قواعدهم الانتخابية.

 

بالنسبة للوزير الحلالمة الذي استقال بعد نحو شهر من أدائه القسم الدستوري، فإنه عاد عضواً في مجلس الأعيان (الغرفة الثانية من مجلس الأمة)، وكأن في الأمر استرضاءً واحتواءً للرجل، الذي سبق أن شغل موقع مدير الدرك إبان تأسيسها العام 2009، وسط حديث عن منافسة بينه وبين الحواتمة الذي خلفه بالموقع، سبق للرجلين أن تزاملا في قيادة العمليات الخاصة بالقوات المسلحة، وخدما تحت قيادة الأمير الأردني وقتها الملك عبد الله الثاني كضباط إلى جانبه.

 

في تلك الليلة، وإن تحمل الخصاونة مسؤولية تعديله الوزاري الأول في حكومته التي شكَّلَها، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فإنه تحمل وزر الصراع للمراكز الأمنية الذي كان يشي بوقوع أزمة تضارب الصلاحيات، وتوزع دماء المسؤولية بين أجهزة لا يملك الخصاونة نفسه قراراً في اختيار قياداتها أو تحكم في طبيعة عملها.

 

وخلال أيام من انتقال الحلالمة لمجلس الأعيان، قضت إرادة ملكية في تعيين سمير المبيضين وزيراً للداخلية، وهو الذي سبق له أن خرج من الوزارة نفسها قبل عام تقريباً.

 

– معاقبة وزيري الداخلية والعدل

 

القصة الثانية في تعديلات الخصاونة الوزارية انطوت على طرفة تناقلها الأردنيون. ففي فبراير (شباط) أُعلن الرئيس الخصاونة بشكل مفاجئ إقالة وزير الداخلية سمير المبيضين، ووزير العدل بسام التلهوني، لمخالفتهما أوامر الدفاع التي نصت على عدم الجلوس على طاولات المطاعم لأكثر من ستة أشخاص.

 

والطرفة جاءت في سياق أن من خالف أوامر الدفاع هما المعنيان في تطبيقها، مع تفشي جائحة «كوفيد – 19». ولم تنجح دفاعات الوزيرين عن نفسيهما، بل استدعيا في وقت مبكر من يوم الإقالة لمكتب الرئيس الذي أبلغهما القرار، ومن دون الاستماع لدفوعاتهما، لا بل أنه بدا جازماً في قراره، ومستعداً للتعامل مع البدائل الفورية.

 

قصة الوزيرين تمثلت في قبولهما لدعوة عشاء في مطعم فاخر بالعاصمة عمّان، وجهها رجل أعمال. وفي التفاصيل فقد كانت الدعوة موجهة لعشرة أشخاص جلسوا على طاولة غير مراعين لشروط التباعد الجسدي، وعدم التزامهم بالعدد المقرر للجلوس على كل طاولة.

 

في التفاصيل أيضاً، أنه تزامن لحظة موعد العشاء وجود مسؤول أردني آخر حذّر أحد الوزيرين من مخالفة بلاغات الدفاع من جهة عدد الجالسين على الطاولة، لكنه استخف بنصيحة زميله… وفي هذه الأثناء دخلت لجنة تفتيش رسمية، وضبطت مخالفة المدعوين، ووثقتها بالصور، وكأن الأمر مخطط له مسبقاً، وتحدثت أوساط رسمية يومها عن رفع تقارير المخالفة لمرجعيات عليا.

 

البعض رأى أن الضربة في التشهير الإعلامي لواقعة الوزيرين كانت موجهة للحكومة، غير أن الرئيس استبق التسريبات، وأعلن إقالة الوزيرين لأسباب نثرها على رؤوس الإعلام، ومذكراً بأن التقصير جزاؤه الإقالة.

 

ولم يترك الأمر متروكاً على قياسات الاستهتار بالموقع العام كقدوة في الالتزام أمام الجميع. ومع أن الوزيرين قاما يومها بإصدار بيانات وتصريحات تؤكد عدم مخالفتها لأوامر الدفاع، سرعان ما انقلبت التوضيحات لإدانات لهما، فقبول المسؤول لدعوة في ظروف وبائية صعبة، وعشية ليلة الحظر الشامل ليلة الخميس على الجمعة، والإصرار على الجلوس في مكان عام، كانت أسباباً كافية لإدانة الوزيرين وليس التعاطف معهما، رغم جلوسهما لمدة 45 دقيقة ومغادرتهما العشاء، بحسبهما.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى