الاسواق تشهد تهافتا على شراء السلع الغذائية رغم التطمينات الحكومية بتوفرها

رزان المبيضين- تتجلى نفحات الشهر الفضيل برحمتها وبركاتها، وتغمر أرواح الأردنيين بروحانيتها، فتتزين البيوت بالأنوار، والاهلة، وتؤمن الأسر ما يلزمها من احتياجات، استعدادا وترحيبا بضيف كريم يزورهم مرة كل عام.

غير أن ذلك لا يبرر التجمعات والتهافت على شراء الطعام والشراب والخبز، خصوصا في زمن كورونا، وكأن الاسواق ستخلو منها، في ظل التطمينات الحكومية المستمرة حول توفر السلع الغذائية في الاسواق، وفي المؤسستين العسكرية والمدنية، وبكميات كافية ، واسعار مدروسة.

فقد شهدت الأسواق في الأيام القليلة الماضية إقبالا ملحوظا وتهافتا على الشراء بكميات كبيرة، من قبل بعض المستهلكين، سعيا لتأمين احتياجاتهم الخاصة بالشهر الفضيل.

فيما نصح معنيون، بضرورة التدبر في التسوق، لا سيما في ظل توفر السلع الغذائية، وكذلك تجنب التهافت السلبي، والالتفات أكثر الى اتخاذ التدابير كافة، لمنع الاختلاط والتجمعات، سعيا لتجنب الاصابة بعدوى فيروس كورونا.

وقال نقيب تجار المواد الغذائيّة، خليل الحاجّ توفيق لوكالة الأنباء الأردنية (بترا): إن السلع متوفرةٌ بالأسواق من أكثر من منشأ، ما يوفر للمستهلك بدائل مختلفة للسلعة ذاتها، وكل بحسب قدرته الشرائية.

وعرف الخبير الاجتماعي الدكتور محمود الدباس التهافت بأنه سلوك اجتماعي جماعي يعود للنفسية الاجتماعية والعقلية السائدة في المجتمع، ليتكرر في شهر رمضان المبارك، وغيره من المناسبات، أو في حال الأزمات، رغم التطمينات الحكومية المستمرة بتوفر السلع الغذائية.

وفي محاولة من الدباس لقراءة العقل الجمعي للناس، قال: هناك مبررات عدة لهذا السلوك، منها الخوف من ارتفاع أسعار بعض المواد، رغم عدم حاجة الناس الفعلية لها، وظروف الفرد الاقتصادية التي تؤخر تسوقه لحين توفر العامل المادي، داعيا الى التفكير بعقلية استراتيجية ووضع الخطط المدروسة، لينظم الأفراد نواحي حياتهم.

وقارب بين سلوك التهافت على الأسواق قبيل أية مناسبة اجتماعية، مع اقدام الفرد على دراسة الامتحان قبل ساعات محدودة، وهو يعلم بموعده منذ أيام عديدة.

من جانبها عزت اختصاصية العلاج السلوكي أمل الكردي التهافت الكبير على الأسواق في بداية الشهر الفضيل، إلى أمرين، أولهما: اعتياد الناس استقبال الشهر الفضيل بشراء حاجيات مرتبطة به، من زينة رمضانية أو مشروبات ومأكولات تستهلك عادة فيه، وثانيهما، استمرار جائحة كورونا، وظروف الحجر الجزئية التي جعلت الناس تخزّن مشتريات تفوق احتياجاتهم، تحسبا، ليس الا.

وقالت: إن روحانية الشهر الفضيل ورغبة الأفراد باستغلال أوقاتهم بالتعبد والتهجد، قد يكون سببا لتهافتهم على الأسواق لتأمين احتياجاتهم من الغذاء دفعة واحدة، بالإضافة لسعيهم اكتساب الأجر بشراء حاجيات وأطعمه يمكنهم التصدق بها.

بدوره اشار خبير الفيروسات والأمراض التنفسية الدكتور محمد الطراونة إلى اهمية أن تسبق وتيرة التلقيح سرعة العدوى لتجنب موجة ثالثة، أشد وأشرس من فيروس كورونا، وقد تحدث نتيجة اختلاط الناس خلال الشهر الفضيل، وما يتخلله من ولائم أو في ايام عيد الفطر السعيد.

وأوضح أن الزيارات المتبادلة بين الناس، لا سيما وأن النسخة المتحورة الإفريقية من فيروس كورونا متواجدة في المنطقة العربية، ولابد من إحكام الأبواب في وجهها، خاصة وأن المجتمع، لا زال يعاني من الموجة الثانية، التي جاءت على أكتاف الموجة الأولى.

ولفت إلى استحالة السيطرة على الاختلاط الذي يحصل ضمن المبنى الواحد بين الجيران والأهل خاصة في شهر رمضان المبارك.

بدوره قال الخبير الاقتصادي حسام عايش: شهر رمضان الكريم، هو أحد الأشهر الأساسية في زيادة إنفاق الاسرة، بأضعاف الإنفاق العادي، حيث لجوء بعض الاسر لادخار جزء من إيراداتها المالية للأنفاق على متطلباته، خصوصا انه يأتي ضمن اطار حظر مستمر يوم الجمعة، ولساعات محددة يوميا.

وأشار إلى أن الإنفاق في هذا الشهر، هذا العام، لن يكون كمثله في الأعوام السابقة، بسبب تراجع مداخيل الناس، وقدرتهم على الإنفاق، بالتالي فإنه من الصعب على القطاعات المعنية مباشرة بالإنفاق، كالقطاع الصناعي، توقع الحصول على إيرادات مرتفعة، كما في أشهر رمضانية سابقة، ما قبل كورونا.

وقال : معدل إنفاق الأسرة الأردنية في الظروف العادية على الطعام والشراب هو حوالي 34بالمئة، من اجمالي إنفاقها ولكن مع تراجع الدخل، بسبب انخفاض الرواتب ومصادر الدخل والأجور وتحول ما يقرب من 80 إلى 100 ألف من العاملين إلى البطالة بسبب كورونا، انخفّض الانفاق بشكل عام.

وتراوحت بتقدير عايش إجمالي قيمة الإنفاق في بعض السنوات بين 400 إلى 500 مليون دينار في شهر رمضان المبارك، سابقا، متوقعا أن تكون أقل من ذلك في رمضان الحالي، نظرا لانخفاض دخل الأسر نتيجة الجائحة مشيرا الى توقف مصادر الدخل الإضافية لبعض الأسر وتراجع حوالات المغتربين.

ولفت الانتباه الى أهمية هذا الشهر المبارك في تحريك العجلة الاقتصادية، من خلال برامج التحسين الاقتصادية التي أعلنت عنها الحكومة، والتي من شأنها أن تحدث نشاطا في السوق، وتكون سببا في الانتعاش الاقتصادي، ما يسمح بتقليل معدلات البطالة والفقر، ولو نسبيا.

–(بترا)

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى