ماذا بعد اقتحام المسجد الاقصى المبارك

لقد عاشت اسرائيل في اوهام كثيرة واعتمدت على سياسة القمع والقتل والتشريد والاستقواء وتزوير الحقائق سنين طويلة مرتكزة على قصص واهية اقنعت بها المجتمع الدولي المتواطيء ، والذي كان يعتبر اليهود بالنسبة لهم عقدة لا بد من التخلص منها في بدايات القرن الماضي، وتوالت الحروب الاسرائيلية ضد دول وشعوب المنطقة والداخل الفلسطيني وبدعم من القوى الكبيرة وخاصة الولايات المتحدة الامريكية واليهودية العالمية ، وعندما استمرت بسياسة الكذب والقتل والتشريد والاستيطان استمرت الاجيال والشعوب العربية والاسلامية الحرة برفضهم كل ما يدور واستمر الشعب القلسطيني رفضه ووقوفه قلعة حصينة بوجة كل السياسات المعادية رغم المحاولات الكثيره بطمس الهوية، وتغيير الواقع وزيادة الاستيطان ، وتغيير التاريخ وإستغلال كل وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي واستغلال وصول المتطرفون الى سدة الحكم في بعض الدول ، والمساعده على تشويه صورة الاسلام والمسلمين ومحاولة اسباغ صفة الارهاب عليهم ، وإستغلال ما يسمى بالمذابح المزعومه (بقرتهم الحلوب ) ، واستخدام العداء مع ايران وحزب الله كوسيلة لذلك واستعطاف العالم، الا ان كل هذه المزاعم اصبحت تتكشف وتزايدت الاصوات المنادية باعادت الحقوق لاهلها والوقوف بجانب الفلسطينيين وإقامة دولتهم المستقلة على أراضيها ، وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية والمحافظة على الوضع القائم .
ورغم محاولتها إستغلال الفرصة الاخيره ترامب- نتينياهو – كوشنير (صفعة القرن ) التي حاولوا تسويقها وتطبيقها الا ان رفضها من قبل القلسطينيين اهل الحق ووقوف الملك عبدالله الثاني بن الحسين والشعب الاردني موقفاً ثابتاً ورافضاً لها جملة وتفصيلا رغم الصعوبات التي يعاني منها الاردن وكثرة المغريات الاقتصادية والذي جعل من هذه الصفقه بحكم المنتهية .
أصبحت الحكومة الاسرائيلية تتخبط نتيجة للظروف المختلفة اهمها خسارة ترامب وانفتاح إسرائيل على بعض الدول في الاقليم واتنتهاج السياسات القمعية العنيفه لجلب مكاسب سياسية داخلية ، وبعد اقدامها على خطوات جديدة في القدس واقتحام المسجد الاقصى من قبل القوات الامنية والمتطرفون جعل من الموقف يزداد صعوبة ومن خلال متابعتي للوضع القائم أرى ان السناريوهات المستقبلية للصراع ستكون كما يلي :
اولا : الاستمرار في سياسة القمع والقتل وتغيير الواقع الديموغرافي قي القدس قسرا وبالقوه ومهاجمة غزة جوا وإقناع المجتمع الاسرائيلي المفكك والذي يعاني من الخوف والضغوطات والتفرقه العنصرية والاستمرار في تهديد حزب الله وايران والمليشيات الايرانية على الاراضي السورية . مما سيجلب المزيد من الانهيار وكشف نقاط الضعف الاسرائيلية الداخلية والعسكرية والامنية والديموغرافيه وسيكون قاتلا لها اذا ما استمرت بذلك لان البيئة الااستراتيجية لم تعد جاهزة لتقبل استمرار الكذب الاسرائيلي والتعنت وضرب كل المواثيق الدولية بعرض الحائط وقتل الابرياء واستخدام القوه ضد المدنيين العزل تحت ذريعة الدفاع عن النفس مما سيزيد من عزلتها عالمياً.
ثانيا : طلب التهدئة والعودة الى الوضع ما قبل اقتحام المسجد الاقصى وقصف غزة ، الاستمرار بنشر الكذب والفوضى واستغلال بعض الاتفاقيات لزيادة المكاسب الاقتصادية وعقد الاتفاقيات الامنية والاستمرار بالظهور بدور الضحية واستقطاب الراي العام العالمي ، وهذا هو الاقرب لان اسرائيل تعيش في حالة فوضى ورعب وتوهان وتحكم المتطرفون واستغلال المواقف السياسية الداخلية ولكن هذا سيزيد من قوة المقاومة الفلسطينية ويجعلها تستثمر نجاحها ويجعل من خيار المصالحة الفلسطينية اقرب ، وهذا ما لا تريدة اسرائيل ولكنه الاسلم لها في هذا التوقيت .
ثالثاً : اجتياح غزة بالقوات البرية واحتلالها مرة ثانية وهذا السيناريو يبدوا غيرمتوقع لكنه مطروح على طاولة الحكومة الاسرائيليه وهناك قناعات انه ربما تكون له نتائج إيجابية، تتمثل في أنه سيكون ممكناً تفكيك البنى التحتية لحركة حماس، وتصفية قيادة الفصائل المقاومة المختلفه ، وتدمير منظومة الأنفاق، وإسقاط حكم حماس وقد يكون المنقذ الوحيد وسيغير من الواقع السياسي والاحتقان الداخلي ويجلب مؤيدين اكثر لنتينياهو وخاصة بعد زيادة قوة المقاومة الفلسطينية وظهور قدرات صاروخية جديدة تجعل من نظرية توازن الرعب اقرب الى تحقيقها حيث اصبحت الاهداف الاستراتيجية المختلفة داخل اسرائيل في مرماها ، وستكون الخسائر كبيرة مادية ومعنوية واقتصادية وسياسية وامنية مما يجعل من الصيف الاسرائيلي ملتهباً وسيساعد على زيادة عزلتها خاصه بعد ظهور بوادر عدم توافق امريكي – اسرائيلي بما يخص الملف النووي الايراني ،وقد تتدخل ايران من خلال اذرعها في المنطقة وخاصه حزب الله وهذا مرهون بتغير مباديء اللعبة بين ايران والولايات المتحدة والمباحثات السرية حول الملف النووي والمكاسب المتوقعه لها ، اما ما يتوقع من وجهة نظر الجيش الاسرائيلي الذي خاض تجارب مريرة في غزه سيكون الثمن باهظاً، وستتكبد مزيدا من القتلى والجرحى والمختطفين والاسرى في صفوف الجنود الإسرائيليين، وان المقاومة الفلسطينية ستجعل من زمن الحرب طويلا وستسعى لذلك لانهاك الجيش الاسرائيلي واضعافه وهذا يعني اشهر عديدة من الاستعداد والقنال وهذا يتعارض مع الاستراتيجية العسكرية الاسرائيليه في شن حروب خاطفة وسريعة بسبب عدم تحملها الجهد والاعباء الاقتصادية والنفص الحاصل في القوى البشرية ، وانشغالها على عدة جبهات فضلا عن طلبات وزارة الدفاع الاسرائيلية المالية التي ستواكب هذه العملية والتي ستكلف الموازنة الكثير ، وسيجبر الجيش على القتال في بيئة عملياتية غير مناسبة له ومواجهة السكان بشكل مباشر.
وفي النهاية اقول ان اسرائيل في هذه الايام اضعف ما تكون ، دولة تائهه تسيطر عليها العنصرية واستخدام القوه والقمع وعدم احترام المواثيق الدولية والمماطلة والسعي المستمر الى تغيير الواقع والتنصل من اتفاقية السلام، مغترة بقوتها وعنجهية قيادتها السياسية والعسكرية منقادةً لمجموعة من المتطرفون وسيكون استمرارها بانتهاج هذه السياسات هلاكا لها. نسأل الله لفلسطين وشعبها المناظل الثبات والقوة والمنعه وان نصلي جميعا في المسجد الاقصى وقد تحرر من دنس المجرمين .

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى