د. إيهاب بسيسو ضحية لحرية التعبير  

طالعتنا بعض وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي وعدد من المواقع الالكترونية أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أصدر قرارًا بإقالة وزير الثقافة السابق، د. إيهاب بسيسو، من منصبه الحالي كرئيس للمكتبة الوطنية الفلسطينية.  

و”الجريمة” التي اقترفها وارتكبها بسيسو أنه قام بنشر مدونةعن المتظاهرين الفلسطينيين الذين خرجوا للشوارع احتجاجًا على مقتل المعارض السياسي نزار بنات على يد عناصر أمنية، حيث وصف بنات بأنه صار” شعاعًا مثل شعاع الليزر”، وقال: “أن لا شيء يبرر اقتراف الجريمة، قتل الإنسان جريمة مهما بدت الصورة ضبابية وملتبسة ومفتعلة وعلينا أن ننحاز دومًا للإنسان ضد مختلف أشكال الفولاذ القاتل”.  

وأضاف:” إن الاختلاف في الرأي مساحة للتفاعل وللنقاش وللحرية وللغضب وللتفكير وللتطوير وللتصويب وللتأكيد على أن المساحة هي الوطن النقي فينا والموازي للجغرافيا والتاريخ والمستقبل”، واعتبر أن “الاختلاف في الرأي ليس وباء أو مناسبة طارئة أو مبررًا لاستباحة الدم والتحريض والاندفاع في متاهة الفوضى والتشنج السياسي”.  

لا غبار على هذا الكلام الذي كتبه د. إيهاب بسيسو، فهو من أروع وأجمل ما يكون، وهل يستحق قائله مثل هذا العقاب.؟؟  

والسؤال: هل ضاقت السلطة بحرية الرأي والتعبير عن الرأي والمواقف الصحيحة الرشيدة والسديدة والعقلانية وتقيل شخصًا مثقفًا مثل د. إيهاب بسيسو على أقوال قالها وكتبها.؟!  

بسيسو هو شخصية فلسطينية أكاديمية نعتز بها، وتحظى باحترام وتقدير الكثيرين من أبناء شعبنا، ولها مكانتها الثقافية والأدبية، وشغل قي السابق ناطقًا باسم الحكومة الفلسطينية، ووزيرًا للثقافة، ما يعني أنه ليس ضد السلطة، وإنما يدافع عنها ويريد المحافظة عليها، وليس الإساءة لها.  

إن إقالة شخصية مركزية ومسؤولة لأنها عبرت عن موقفها ورأيها عما يجري من أحداث من منظور مختلف لم يعجب القيادة المتنفذة في السلطة، يندرج في إطار قمع الصوت العقلاني النقدي، ومثل هذا الإجراء الجائر والمجحف، ومثل هذه الأحكام الاستبدادية تعيدنا إلى القرون الوسطى، حيث كانت تتبع مثل هذه الأساليب القراقوشية لاغتيال الصوت الآخر وقمع الفكر الحر والرأي المخالف.  

لقد غدت الكلمة وكأنها تمثل خطرًا على وجود ومستقبل النظام السياسي الفلسطيني، حتى أصبح يخشى من أي موقف فكري وأي حراك سياسي وشعبي وشبابي. فقد بات واضحًا أن السلطة تقمع معارضيها وبدأت تشعر بدنو أجلها، وذلك على خلفية الغضب الشعبي والاحتجاجات الواسعة التي اندلعت على خلفية مقتل نزار بنات، وهذا الإحساس بقدرتها على السيطرة على تزايد الأصوات المعارضة لجأت إلى استخدام القبضة الحديدية، وما د. إيهاب بسيسو سوى ضحية جديدة لحرية الرأي والتعبير.  

وبرأيي ان الخاسر من وراء هذا الاجراء التعسفي ليس بسيسو، وإنما السلطة، وهي التي يجب ان تستقيل لأنها فشلت في قيادة السفينة الفلسطينية إلى بر الأمان.  

يجب ان ترتفع الأصوات الفلسطينية المعارضة والمستنكرة للقرار السلطوي بحق بسيسو، وعلى السلطة إعادة النظر في قرارها المعادي لحرية الرأي والتعبير، وتوقف هذا الإجراء الذي يسيء لها اولًا وأخيرًا، ويقلص مساحة وهامش الحريات الشخصية والعامة.  

 

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى