آية الزواهرة: نحن طاقة لا إعاقة

إيمان المومني- نحن “طاقة لا إعاقة”، شعار ترفعه آية الزواهرة في نجاحها بعملها، وتحققه في حياتها بقوة إرادة، وتصميم لا يعرف التراجع، على الرغم من المشكلات المختلفة التي تحاصرها، إذ تغسل الكلى ثلاث مرات أسبوعيا، وتعاني من إعاقة حركية.
آية 33 عاما التي تقيم في مدينة الزرقاء تتنقل مستخدمة كرسيا متحركا، متحدية إعاقتها، حيث أكملت الصف الثامن، ثم انقطعت عن الدراسة رغم حبها لها، لأن المدارس التي درست بها، غير مهيأة لذوي الإعاقة، مشيرة إلى التحاقها بعدد من الجمعيات، والمؤسسات، لإتقان بعض المهارات التي مكنتها من مساعدة غيرها.
تقول آية لوكالة الأنباء الأردنية (بترا): “قوة الإرادة وحب النجاح، دفعاني لتعويض انقطاعي عن الدراسة بالالتحاق في بعض النوادي الرياضية، حيث تدربت على رياضة تنس الطاولة، وتفوقت فيها، ولكن أمر الله سبحانه وتعالى، وضعني أمام تحدٍ جديد بأن أصبت بمرض الكلى، وصرت أغسل كلى ثلاث مرات في الأسبوع”. وتضيف “إن صعوبة الحياة دفعت آية لركوب الصعب، وتحمل المشاق، لتوفير نفقات العائلة وعلاجها مع أختها في ظل عدم توفير المساعدة من بعض جهات الدعم”.
ويتعاون الفقر مع المرض في تحدي آية، التي قررت العمل لمساعدة والدها، في الإنفاق على البيت، وتوفير المصاريف لعلاج أختها التي هي أيضا من ذوي احتياجات خاصة (معقدة)، فتقول: “والدي لا عمل لديه حاليا، ويحصل على راتب تقاعد لا يسد رمق عائلتها، وبخاصة أن مصاريف علاجي وأختي عالية، حيث كنت أحتاج للتنقل بالسيارات ذهابا وإيابا من وإلى المستشفى بأجرة تبلغ 30 دينارا”.
“عملت في عدة شركات، وكنت أترك العمل لأنها غير مهيأة لذوي الإعاقة”، تقول آية، مبينة بصوت حزين :”كنت أقاوم صعوبة الظروف، وأصل إلى مكان العمل مشيا على يدي وصعود الدرج، لعدم وجود مصاعد في بعضها، ورغم ضعف الراتب كنت أدفع جزءا منه لأشخاص يساعدونني لأتناول الطعام، ونقل الكرسي المتحرك، وحملي إلى الباص”. وتزيد آية: في رحلة الإصرار على النجاح، اشترى لي أهل الخير (إحدى الجمعيات التي تساعد الأشخاص من ذوي الظروف الصعبة) سيارة صغيرة لذوي الاحتياجات للتنقل إلى المستشفى لغسيل الكلى، ولشدة حاجتها المادية، استثمرت ذلك بنقل ركاب أصحاء أو ذوي إعاقة، من معارفها، مقابل مبالغ زهيدة، توفر لي ثمن بنزين السيارة، إضافة إلى مساعدة والدي في مصروف البيت.
وتستطرد: لزيادة الدخل أبيع الآن على بسطة بعض الأشياء، التي تحتاج لرأس مال صغير، ولكنه بالنسبة لوضعي يعد كبيرا، ومع ذلك أتعرض كثيرا لمضايقات في لقمة عيشي، مما يعرضني لخسائر مستمرة.
وتختم آية: أنا حالياً أبحث عن عمل، ولدي يقين من النجاح والوصول إلى هدفي، وتحقيق حلمي، لاقتناعي الراسخ بأن من يعاني من احتياجات خاصة، يحملون ” طاقة لا إعاقة”، وسأعمل للوصول لفرصة عمل في القطاع الخاص أو الحكومي، داعية اقرانها لعدم اليأس، ومن ثم تحويل الإعاقة إلى عامل نجاح، والإسهام في خدمة أنفسهم وغيرهم، والاسهام في تغيير نظرة بعضهم في هذا السياق. المفتي في دائرة الافتاء العام، الدكتور حسان أبو عرقوب يقول: مساعدة المسلم من أعظم سلوكيات التقرب الطاعة، وخاصة إذا طلبها من أخيه المسلم، أما المبادرة لمساعدة الآخرين دون سؤال منهم فهو أفضل، لأنه دليل على المسابقة إلى فعل الخير، لقوله تعالى: “فاستبقوا الخيرات”.
ويضيف: وروى مسلم في صحيحه أنّ سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر، يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”، متابعا، كلما كانت حاجة الإنسان أكبر كان أجر مساعدته أكثر، والله أعلم.
الناطق الإعلامي في المجلس الأعلى لحقوق الاشخاص ذوي الإعاقة، رأفت الزيتاوي يقول: إن القانون رقم 20 لسنة 2017 حدد حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والجهات والمؤسسات المناط بها تمكينهم من الوصول لحقهم بالعمل اللائق، ومنها وزارة العمل التي أصدرت نظاما خاصا لتشغيلهم، وألزمت أصحاب العمل بتوفير الترتيبات التيسيرية المعقولة التي تتيح لهم القيام بمهام الوظيفة، وإلزامهم بتشغيل نسبة تصل لـ 4 بالمئة من عدد العاملين في مؤسساتهم.
وتابع: من هذه المؤسسات مؤسسة التدريب المهني المسؤولة عن تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة للاستفادة من برامجها وتهيئة مرافقها ومواءمة مناهجها، لتمكينهم من الوصول لسوق العمل، وصندوق التنمية والتشغيل، والمسؤول عن تخصيص نسبة من القروض الميسرة لتمويل مشروعات تشغيلية لهم ولاسرهم.
ويلفت الزيتاوي إلى أن المجلس شكل لجنة تكافؤ الفرص لتلقي الشكاوى المتعلقة بالتمييز على أساس الإعاقة أو بسببها في مجال العمل، والتحقق منها وتسويتها مع الجهات المعنية، وإصدار التقارير الفنية المتعلقة بتوفير الترتيبات التيسيرية المعقولة في بيئة العمل بناء على طلب خطي من الأفراد، أو جهات العمل المعنية.
ويرى الباحث في علم النفس بالجامعة الهاشمية زيد الخوالدة أن المحن في بعض الأحيان تتحول إلى حوافز ومنح، فبالرغم من أن الضغوطات النفسية الحياتية، تسهم في ظهور المشكلات والأمراض النفسية التي تؤثر في قدرات الإنسان وتستنزف وقته وطاقته وتعطل جوانب أدائه وتحرك الأفكار والمشاعر السلبية، لكن هناك حالات عديدة يتغلب فيها الشخص على واقعه.
ويقول: أصحاب الإعاقة الجسدية لديهم همة عالية وإصرار كبير، وثقة بالنفس وشجاعة وحافز للسيطرة والتحكم بالظروف العصيبة التي تحيط به، لتجيير الواقع لصالحه، وهذا ما يسمى بمفهوم الصلابة النفسية، مشددا على أهمية تعظيم التكيف وتقدير الذات والتفاؤل، مما ينقل الفرد إلى قمة الإنجاز وتحقيق النجاح، وكأنه لم يتعرض لصدمة أو إعاقة أو خسارة أو مرض. أستاذ الإرشاد النفسي في جامعة اليرموك الدكتور فواز المومني، يؤكد على أهمية تجاوز الوصمة لدى ذوي الإعاقة والتغلب عليها بتطبيق التعليم الدامج ليس في النظام التربوي فحسب، وإنما في المجتمع بأسره، وتمكينهم من الوصول إلى الخدمات وتهيئة البنى التحتية لتناسب ظروفهم في مختلف قطاعات، ونشر الوعي بقضايا من يتحلون بالهمم العالية والارادة والانجاز.
–(بترا)

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى