الاستراتيجيات يقدم توصيات لمعالجة اختلالات النظام الضريبي وعمليات التحصيل

أوصى منتدى الاستراتيجيات الأردني بضرورة التركيز على المحاور الضرورية التي تغطي مختلف جوانب السياسة المالية، لمعالجة الاختلالات في النظام الضريبي في الأردن وعملية التحصيل الضريبي.

 

وبين المنتدى في ورقة سياسات أصدرها، اليوم الأربعاء، بعنوان “السياسة المالية في الأردن: نحو مقاربة جديدة”، أن المحور الأول يرتكز على كفاءة تحصيل الإيرادات والإطار القانوني من خلال الربط بين التشدد في إجراءات التحصيل وتعزيز المنظومة القانونية الضابطة لذلك، وتوضيح المسار القانوني للإجراءات المتبعة وإصدار الارشادات المتخصصة. ودعا الى تعزيز مفهوم ثقافة المشاركة الضريبية والعمل مع هيئات متخصصة توضح مصادر الإيرادات وسبل الانفاق بطريقة مبسطة وتشاركية قدر المستطاع.

 

وأشار المنتدى إلى أهمية تعزيز كفاءة التحصيل ورفع القدرات المؤسسية لضريبة الدخل من خلال تسهيل المنظومة التشريعية وآليات التطبيق، واتباع مسار إصلاح يوسع قاعدة ضريبة المبيعات العامة، وإلغاء أنظمة ضريبة السلع والخدمات التفضيلية الحالية التي تحد من كفاءة التحصيل، وتساعد في التعامل مع المشكلات الحالية بشكل أفضل، لا سيما تلك المتعلقة بالتخطيط، والتجنب الضريبي، والتهرب الضريبي.

 

وأوضح أن المحور الثاني من التوصيات يرتكز على العلاقة التبادلية بين الانفاق والنمو والتشغيل والدور الاجتماعي، من خلال الربط بين الإعفاءات الضريبية وبعض المؤشرات الاقتصادية الحيوية مثل التشغيل والمساهمة في التصدير، ووضع إطار زمني لتلك الإعفاءات بناء على المؤشرات المتحققة، حيث أنه من شأنه الحد من الإعفاءات الضريبية الممنوحة في كثير من الأحيان والتي تظل مفتوحة أحيانا بعد زوال أسباب منحها.

 

وشدد المنتدى في المحور الثالث على تقييم كفاءة الانفاق والإطار المؤسسي بما يشمل الاستقرار الكلي على أساس تعزيز المشاركة الشعبية وأطر نقاش الموازنة بما يضمن توسيع المشاركة والمساهمة بوضع أولويات الانفاق، بحيث ننتقل إلى ما يعرف بمبدأ “الموازنة المستجيبة” لحاجات وأولويات المجتمعات المحلية التي يفترض أن تخدمها النفقات العامة. واكد المنتدى اهمية دراسة هيكل الضرائب المتحصلة وعلاقتها بالمتغيرات الاجتماعية وما هو السبيل الأمثل لتحسين الأداء وتعزيز الشفافية والمساءلة، مشيرا الى ضرورة الربط بين الضرائب المحصلة ونوعية الخدمات التي يقدمها القطاع العام في القطاعات الأكثر أهمية بالنسبة لدافعي الضرائب مثل البنية التحتية والتعليم والصحة.

 

واستعرضت الورقة حالة السياسات المالية في الأردن ومواطن الضعف فيها، إضافة إلى تقديم بعض التوصيات حول ما يجب معالجته وما يجب أن ترمي إليه. وقال المنتدى إنه يهدف من خلال الورقة إلى تسليط الضوء على مدى التفاعل بين الأداء العام للاقتصاد الأردني والمالية العامة.

 

وفيما يتعلق بعملية رسم السياسات المالية، أشارت الورقة الى أن هذه العملية يجب أن تجرى وفقاً لإطار يضم ثلاث مبررات والمتمثلة في تحسين كفاءة تخصيص الموارد من خلال تحسين سياسات الانفاق وإعادة توزيع الضرائب بطريقة حصيفة لتعزيز مستويات الكفاءة، ومعالجة التفاوت في مستويات الدخل بما يسهم في الحفاظ على التوازن الاجتماعي، وتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي من خلال الحفاظ على استقرار بعض المؤشرات مثل التقلبات السنوية في الناتج المحلي الإجمالي وعجز الموازنة والدين العام.

 

وعند تقييم الورقة لجوانب الانفاق العام والايرادات العامة للسياسات المالية في الأردن، أوضحت الورقة أن مصادر الزيادة في النفقات العامة تركزت في الجانب الجاري وليس الجانب الرأسمالي منه، إضافة إلى كون عدد محدود من بنود الانفاق (مخصصات الجهاز العسكري، تعويضات العاملين، التقاعدات، وفوائد القروض) تشكل ما نسبته 77 بالمئة من إجمالي النفقات الجارية.

 

وفيما يتعلق بالإيرادات العامة خلال العقدين الأخيرين؛ أوضحت الورقة أن حجم الاقتصاد الوطني ارتفع من 6 مليارات دينار عام 2000 إلى 03ر30 مليار دينار عام 2020؛ في حين ارتفعت الإيرادات الضريبية من 96ر0 مليار دينار إلى 96ر4 مليار، والإيرادات غير الضريبية من 96ر0 مليار دينار إلى 29ر2 مليار دينار لنفس الفترة؛ وهو ما يوضح اتساع الفجوة بين حجم الاقتصاد الوطني والإيرادات العامة، وهذا بدوره يدل على وجود ما يمكن وصفه بالتسرب المالي، أي عدم القدرة على تحصيل بعض الإيرادات لأسباب عديدة.

وفي سياق متصل، أظهرت الأرقام الواردة في الورقة أن نسبة الإيرادات غير الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي في الأردن انخفضت من 8ر10 بالمئة في السنة المالية 2000، إلى 3ر4 بالمئة في عام 2020، في حين بقيت نسبة الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي ثابتة بحدود 15 بالمئة خلال العقدين الأخيرين.

وفيما يتعلق بالنظام الضريبي في الأردن، أشارت الورقة إلى أن إجمالي الإيرادات الضريبية نسبةً إلى الناتج المحلي الإجمالي في الأردن تعد منخفضة إذا ما قورنت بدول غنية مثل الدنمارك على سبيل المثال، حيث تبلغ هذه النسبة 1ر46 بالمئة، وفي بعض الدول الشبيهة بحالة الأردن مثل تونس، فإنها تحصل إيرادات ضريبية أعلى من الأردن، بنسبة تساوي 8ر22 بالمئة.

كما بينت الورقة أن الأردن من أكثر الدول في العالم اعتماداً على ضريبة المبيعات في تحقيق الإيرادات الضريبية، حيث شكلت هذه النسبة 4ر71 بالمئة، من مجمل الإيرادات الضريبية التي تحققها الحكومة، وهو معدل يفوق السائد في العديد من الدول المشابهة للأردن، إذ تعادل هذه النسبة 8ر11 بالمئة في المغرب و8ر12 بالمئة في تونس.

وأوضحت أن ضريبة المبيعات هي مصدر الزيادات الأسمية في إجمالي الإيرادات الضريبية، حيث شكلت ضريبة المبيعات 35ر44 بالمئة من إجمالي الإيرادات الضريبية في السنة المالية 2000 وارتفعت بشكل قياسي إلى أن بلغت هذه النسبة 4ر71 بالمئة عام 2020.

وبين منتدى الاستراتيجيات في ورقة السياسات أن الأرقام الواردة تشير إلى وجود اختلالات واضحة في النظام الضريبي في الأردن وكفاءة عملية التحصيل الضريبي، حيث أن الموظفين العاملين بأجور شهرية يدفعون ضرائب دخل بحوالي 4 أضعاف ما يدفعه الأفراد (المهنيون والشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في القطاع الخاص).

وأوضحت أن الإيرادات الضريبية من الموظفين بأجور شهرية في عام 2020 بلغت ما قيمته 4ر211 مليون دينار، فيما بلغت الإيرادات الضريبية المحصلة من قطاع الأفراد في ذات العام ما قيمته 6ر52 مليون دينار فقط.

وأشار المنتدى إلى التقرير الصادر عن صندوق النقد الدولي حول المالية العامة في الأردن؛ حيث بين التقرير أن حملة مكافحة التهرب الضريبي في الأردن كشفت عن وجود حوالي 2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي كإيرادات ضائعة بسبب عدم الالتزام بالإبلاغ عن التزامات ضريبة الدخل.

وبين أن ضريبة دخل الشركات والضريبة العامة على المبيعات تعاني من وجود العديد من الأنظمة التفضيلية والإعفاءات التي تضيق القاعدة الضريبية وتسهم في “تجزّئة” النظام إلى عدة أنظمة ضريبية؛ وهو ما نجم عنه نظام ضريبي متداخل وصعب التطبيق وفيه الكثير من التشوهات.

–(بترا)

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى