أد. محمد الفرجات يكتب : قضية مصيرية تستحق التوقف عندها

قبل عقود ويتذكر معظمكم سادتي، فقد صدرت تصريحات بالصحف تلخص دراسات حول نوعية وسلامة وجودة المنتجات الأردنية من خضار وفواكه في مواقع معروفة، وقيل أنها تروى بمياه عادمة، فتم تضخيم الأمر إعلاميا، مما ادى لعزوف دول الخليج عن منتجاتنا الزراعية وقطع أرزاق المزارعين،

قضية المتحرش أخذت أكبر من حجمها بالضخ الإعلامي على السوشيال ميديا والفضائيات، مما جعل القضية تتحول لقضية رأي عام وتتطور لتتحدث عنها فضائيات وإعلام الدول المجاورة، وبالتأكيد يسيء ذلك لجامعاتنا كمؤسسات وطنية عريقة لها السبق على المستوى الإقليمي…

ما يبدو لنا جليا هو أن السوشيال ميديا تحرك البوصلة، وأن الإعلام الذي لا يملك رؤية ولا قضية بات يلاحق الأخبار المثيرة التي تشد إنتباه المشاهد…

هل بتنا كشعب نبحث يوميا عن الفضائح وشغلنا الشاغل محاسبة الجميع؟ هل نملك كل الوقت والفراغ لهذه الأمور؟ ألا يبدو بأن هنالك أمر ينقصنا ويشغلنا ونسعى جميعا لتحقيقه؟

بالخلاصة فيبدو بأننا جميعا في المملكة الأردنية الهاشمية بحاجة لمشروع جمعي نهضوي وطني، يرسم إتجاه بوصلة الدولة ويحدد مسار الجميع من قطاع عام وخاص ومؤسسات مجتمع مدني وأفراد،،،

حقيقة فكل دولة لها قضية ومشروع تشغل العقل الجميع الوطني، وعند غياب ذلك تجد التشتت الفكري والتصيد والتفرغ لدى الشعوب، ولا تحقق شيئا ولا تسير خطوة للأمام، لا بل وتتراجع يوما بعد يوم، وتجلد ذاتها ويتربص كل للآخر،،،

دبي مشروعها دخول الألفية الثالثة بالتكنولوجيا والثورة الرقمية، إيران مشروعها نووي نفوذي، السعودية مشروعها إنتاجي لتحقيق الإعتماد على الذات، سوريا مشروعها الإكتفاء الذاتي مدمجا بفكر القومية العربية، دول أوروبا مشروعها صناعي إقتصادي، … إلخ…

فبعد أن أطلق جلالة الملك مشاريع تحديث المنظومة السياسة والإقتصادية والإدارية، فيجب على صانع القرار دمجها معا، وتقديمها بفكر نهضوي شامل؛ مفصلة بإستراتيجياتها وخطط ومراحل التنفيذ، وأن تبث فكريا عبر الإعلام والأحزاب وإعلام الحكومة والمدارس والجامعات وكل ذوي العلاقة، هنا نتابع وهناك نحقق ونقيم ونقوم معا، فتجدنا مشغولين بمشروعنا النهضوي الذي يؤمن مستقبل الأجيال، بدلا من حالة التشتت التي ترافقها البطالة وفقر الشباب والأرجيلة وسهر الليل والمخدرات والعنف والتشاؤم والإحباط وتأخر سن الزواج، وجيل مشغول بالسوشيال ميديا وتصيد الفضائح والإشاعات.

نتحدث عن أمن وطني وأمن قومي يا سادة… فالأجيال والشباب الذين نسلمهم الراية يجب أن نعد لهم وطنا ينتمون له لا يفكرون بالهجرة منه، ومشروع نعمل عليه ويكملونه وتتابعه الأجيال التي تأتي بعدهم وبعدهم… إنها النهضة المنشودة يا قوم.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى