أ.د. محمد الفرجات يكتب: ما المطلوب من الأحزاب لإسناد الدولة بمواجهة المخاطر الجيوسياسية؟
على الرغم من البركة الطبيعية التي فضل بها رب العزة محيط المسجد الأقصى كما جاء في القرآن الكريم، فالإقليم سياسيا يأبى أن يتنفس الصعداء كما ينبغي وتحلم شعوبه بالراحة والتنمية والرفاه؛ فتذبذب الصراع العربي الإسرائيلي واضح جلي ويعود اليوم للصعود مع تقدم اليمين الإسرائيلي وعلى رأسه نتن ياهو، بينما المد الشيعي الإيراني يحاول أن يتغلغل واضعا الأردن ودول الخليج بين فكي كماشة بنفوذه في سوريا والعراق ولبنان من جهة واليمن من جهة أخرى.
الأردن ودول الخليج ومصر في مرمى النيران سواءا بشكل مباشر أو غير مباشر، فحدودنا الشمالية مع سوريا أصبحت بؤرة تهديد أمني وممر تهريب مخدرات لجماعات مدعومة من إيران، وذلك في محاولات لإستهداف أمننا الوطني الداخلي والقومي، بينما تدعم إيران قوات الحوثي لتشكل قلقا لجبهة الخليج وإستنزاف طاقاته في حرب لن تنتهي.
سد النهضة في أثيوبيا ليس عملا بريئا، ويراد به التأثير على موارد مصر المائية وقدرات قطاعاتها التنموية من إقتصاد وطاقة وزراعة… إلخ، وهنالك من يدعم أثيوبيا ويعزز موقفها ماليا وسياسيا لإكمال بناء السد.
إسرائيل التي شيدت مطارا شمال إيلات قبل فترة قصيرة لا تستجيب لضغوطات ولا لإتفاقيات دولية، ولديها في خططها تفكير بمد قناة مائية مفتوحة من شواطئ الأراضي المحتلة على المتوسط، إلى خليج العقبة في مياهها الإقليمية لتعمل عمل قناة السويس، وهذا يهدد أمن مصر الإقتصادي.
حرب روسيا أوكرانيا إستنزفت الإتحاد الأوروبي كقوة شبه محايدة تسعى لبث سبل الإستقرار في الإقليم، بينما تعتبر نفسها الولايات المتحدة في حرب عالمية ضد روسيا، وقد أصبحت القضية الفلسطينية للإدارة الأمريكية ليست أولوية، وحتى رعاية إتفاقيات السلام التي تمت برعاية أمريكية لم تعد تجد الكثير من الجهود مما يسندها من جانبهم.
صعود اليمين الإسرائيلي وعلى رأسه نتن ياهو لقيادة الحكومة الإسرائيلية ينذر بالكثير من المتاعب السياسية، ويأتي ذلك على أعتاب آثار كورونا والتغير المناخي والعطش والتضخم علينا، وفي وقت بدأنا فيه العمل على الإصلاحات السياسية الإقتصادية التنموية والإدارية المطلوبة خلال العشرة سنوات القادمة، لأننا كلنا نعلم ونشعر بأن الإستمرار بلا هدف ولا بوصلة هو توجه للثقب الأسود، على أننا نحتاج الهدوء السياسي والإستقرار للمضي قدما بخططنا، لا أن نعاني ضغوطات سياسية تعيق هذه الخطط، وكما حصل سابقا في الربيع العربي وحروب المنطقة وموجات اللجوء إلينا.
الأحزاب الأردنية القائمة والقادمة يترتب عليها تطوير خطاب تعبوي شعبي نفسي مقبول مقنع وموحد، يدعم سياسة الدولة الأردنية من ناحية بالبرامج والرقابة والمتابعة، ويشكل بعضها من ناحية أخرى معارضة ويمين ذات موقف صلب يواجه التعنت والتطرف الإسرائيلي؛ من طراز النداء بإلغاء معاهدة السلام ومواجهة التعنت بالتعنت والقوة بالقوة.
الأحزاب في كل دول العالم تستقريء بوصلة الدولة ومصلحتها العليا ومصلحة القوم، وتنطلق وفقا لذلك بقناعاتها ببرامج وممارسات تؤدي بكل مكوناتها إلى الإستمرار والبقاء والإزدهار.