الذكاء الاصطناعي في التعليم

د. محمد يوسف حسن بزبز

الذكاء الاصطناعي من أهم التكنولوجيا الناشئة التي لها تأثيرًا كبيرًا على المنظومة التعليمية التعلمية حيث أعطى التعليم إمكانات هائلة للصالح الاجتماعي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويتطلب ذلك إجراءات في السياسة على مستوى النظام وكيفية وضع السياسات لدعم التعليم المعزز بتقنيات الذكاء الاصطناعي. تتيح الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي إمكانية الوصول إلى التعلم لجميع الطلاب في أي وقت وفي أي مكان. يتعلم كل طالب وفقًا لسرعته الخاصة، ويسهل الوصول على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع على الطلاب استكشاف ما يناسبهم دون انتظار معلم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للطلاب من جميع أنحاء العالم الوصول إلى تعليم عالي الجودة دون تكبد نفقات السفر والمعيشة.

إذ يشهد العالم في سنواته الأخيرة ثورة في مجال الذكاء الاصطناعي، ظهرت أثارها في معظم مجالات الحياة، فيكاد لا يخلو مجال من توظيف تطبيقات هذا الذكاء الاصطناعي، في الطب والهندسة والتسليح والتصنيع والاستثمار وعلوم الفضاء والاتصال، وهو ما يضع على عاتق وزارة التعليم العالي ، و وزارة التربية والتعليم ، مسؤوليات جسيمة لتطوير سياساتها ومناهجها واستراتيجياتها لمواكبة معطيات الثورة الاصطناعية الحديثة، والتي كانت بمثابة الشرارة التي أضاءت أمام التربويين مساحات جديدة في البحث عن إثراء ثقافة الذكاء الاصطناعي وتضمينه نظريًا وتطبيقيًا في مراحل التعليم المختلفة. فالذكاء الاصطناعي قد صنع ثورة في التعليم بسبب كثرة فوائده وقدرته على زيادة كفاءة وفاعلية المعلمين إذا تم استخدامه بطريقة سليمة، لأن لديه القدرة على فهم المعلومات بشكل أفضل وزيادة وعيهم وثقافتهم. فالذكاء الاصطناعي ذلك العلم الذى يهتم بجعل الأنظمة الإلكترونية ذات ذكاء مشابه للذكاء الإنساني، بما يمكن الأنظمة من التفكير واتخاذ قرارات، والعمل وفقًا لها، بشكل تتناسب مع طبيعة المهام المحددة لها.

فأدوار تطبيقات الذكاء الإصطناعي في العملية التعليمية التعلمية كثيرة ، كتقييم الفوري للطالب ورصد درجاتهم؛ وذلك لمساعدتهم على تطوير أدائهم الدراسي، وتقديم التغذية الراجعة للطالب الفورية والمستمرة، وتوفر وكلاء افتراضين لمساعدة المتعلمين، وإفادتهم بالإجابات الصحيحة، والمساعدة في جودة التعلم، وذلك بتحديد الصعوبات الموجودة لدى المتعلم من خلال التدريبات والاختبارات، الأمر الذي يوجه المعلمين إلى شرح أجزاء محددة من المنهج والتركيز عليها بصورة أكبر ، وتوفر تعلمًا تكيفيًا؛ لمساعدة المتعلم في إحراز التقدم المطلوب من خلال تعليمه بشكل فردي، وتقدم تقريرًا للمعلم حول وضع المتعلم ونتيجة تعلمه. كما أن هناك العديد من التطبيقات وأدوات للذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تستخدم في التعليم، ومنها ما يستخدم في البحث ، والتصميم ، و صناعة محتوى تعليمي ، وكتابة المقالات والأبحاث ، و كتابة القصص وسردها ، وإنشاء الاختبارات، وإنشاء العروض التقديمية.

ومن جهة أخرى إذ وافق مجلس الوزراء على الاستراتيجيّة الأردنيّة للذكاء الاصطناعي للأعوام (2023 – 2027)، تنفيذاً لمتطلّبات السياسة الأردنيّة للذكاء الاصطناعي 2020، المتضمنة تطوير إطار استراتيجي عام لتفعيل الذكاء الاصطناعي في جميع القطاعات ذات الأولويّة في المملكة الأردنية الهاشمية.وتأتي الاستراتيجيّة لإيجاد خارطة طريق بإطار زمنيّ مُحدّد تدعم بناء المنظومة الداعمة للذكاء الاصطناعي في الأردن، وتركّز على تبني الذكاء الاصطناعي لتطوير القطاع العام والقطاعات الاقتصاديّة، وتكليف جميع الوزارات والمؤسسات الحكوميّة بتنفيذ ما ورد فيهما حسب الأصول. وتعتبر الاستراتيجيّة الأردنيّة للذكاء الاصطناعي والخطّة التنفيذيّة 2023- 2027 امتدادًا للاستراتيجيات والسياسات السابقة التي تُنظّم التحوّل الرقمي والتكنولوجيا الرقميّة التي تمّ إنجازها من الحكومة، بحيث تتماشى وتواكب الاتجاهات العالميّة لتبنّي الذكاء الاصطناعي. وتهدف الاستراتيجيّة إلى جعل الأردن دولة رائدة إقليميًا في مجال الذكاء الاصطناعي، وتوفير بيئة تكنولوجيّة ورياديّة فريدة وجاذبة للذكاء الاصطناعي ليكون فعّالاً وداعمًا ومُكوّنًا أساسيًا للاقتصاد الوطنيّ. إذ تسعى الاستراتيجيّة إلى بناء القدرات والمهارات والخبرات الأردنيّة وتطويرها في مجال الذكاء الاصطناعي، وتشجيع البحث العلميّ والتطوير فيه، بالإضافة إلى تعزيز بيئة الاستثمار وريادة الأعمال في هذا المجال، وضمان البيئة التشريعيّة والتنظيميّة الداعمة للتوظيف الآمن للذكاء الاصطناعي، وتطبيق أدواته لرفع كفاءة القطاع العام، والقطاعات ذات الأولويّة.

في الختام، لا بدّ أن يعي الجميع أن الذكاء الاصطناعي أحدث ثورة هائلة في العصر الحديث، خاصة وأن معظم البيانات تحتاج إلى الذكاء الاصطناعي، وكذلك استخدام التطبيقات، لهذا فإنّ الذكاء الاصطناعي بالنسبة للمؤسسات بمثابة المنقذ لها، لأنه يحاكي العقول البشرية في طريقة تأدية الخدمة. وهذا مما يجعل استخدامه مألوفًا، لهذا يوجد الكثير من الفوائد والتحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي، كما يوجد قصص نجاح عديدة للذكاء الاصطناعي تثبت أهمية استخدامه. في الوقت الحاضر تتبنى معظم المؤسسات والشركات الذكاء الاصطناعي رغم بعض التحديات التي تواجهه؛ إذ يستخدمونه في حوسبة المعلومات لتسهيل الرجوع إليها، وقد استطاعت العديد من الشركات دمج استخدام الذكاء الاصطناعي مع العديد من المعلومات والتطبيقات للتقليل من حجم الصعوبات. خاصة أن الذكاء الاصطناعي يوفر درجة عالية من الأمان والأداء والسهولة وضمان أسعار مقبولة مقارنة بغيره، كما يسهل عمليات الوصول إلى المعلومات.

د. محمد يوسف حسن بزبز
رئيس قسم الإعلام – لواء الجامعة
سفير جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى