وفاة كلبة خالد الصاوي تثير جدلاً بين الشيوخ.. محمد أبو بكر يرفض المواساة.. و«شاهين» يعزيه
علق الشيخ محمد أبو بكر، الداعية الإسلامي على تقديم الشيخ مظهر شاهين، الداعية الإسلامي، العزاء في وفاة كلب الفنان خالد الصاوي، قائلا: «تخيل وصلنا إلى يوم يقوم أحد العلماء المعروفين بتقديم واجب العزاء في وفاة كلبة فنان، ولا عزاء للمستضعفين لبني الإنسان».
وفاة كلبة ولا عزاء للمستضعفين
وقال أبو بكر عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «تخيل وصلنا إلى يوم يقوم أحد الدعاة المشهورين بتقديم واجب العزاء لفنان فى وفاة كلبة ولا عزاء للمستضعفين من بنى الإنسان ولا علاقة هذا بموقف النبى من مواساة طفل فى عصفور فهذا طفل صغير لا يحمل هماً ولا يهتم بشيء سوى عصفوره الذى هو كل محور حياته، وليس معنى كلامى قسوة على الحيوان أو استهزاءً به لكن العجيب ما سمعت للداعية المشهور كلمة إنكار وعزاء فى حق إخواننا المستضعفين فى كل مكان».
روح الإنسان أعظم الأرواح على الإطلاق
وتابع: «نعم الحيوان روح والروح تحترم أياً كان نوعها لكن تبقى روح الإنسان أعظم الأرواح على الإطلاق لأنه أعظم المخلوقات بلا منازع، يا ليتنا ننظر للأمور بعين الشرع لا بعين العاطفة وهوى النفس ومحبة النقد لمجرد المخالفة ولا تنسوا «ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً».
مواساة مظهر شاهين
وكان الشيخ مظهر شاهين، الداعية الإسلامي، واسى الفنان خالد الصاوي، بعدما أعلن الأخير وفاة كلبته، كتب الشيخ مظهر شاهين في منشور عبر صفحته الرسمية على فيسبوك: «صادق المواساة للأخ الفنان خالد الصاوي في موت كلبه».
وتابع شاهين: «سائلاً المولى سبحانه وتعالى أن يربط على قلبه ويلهمه الصبر على فراقه، فالحزن عند الموت رحمة في قلوب العباد، والإسلام دين الرحمة بكل مخلوق أليف».
خالد الصاوي ينعي كلبته
وكان الفنان خالد الصاوي أعلن في منشور له وفاة كلبته، قائلاً: «باي باي حبيبة قلب بابي، يا رب ارجوك اجمعني بيها وبميكي يوما ما، انشالله في حلم طويل».
خالد الجمل يفصل الخلاف في العزاء
وقال الشيخ خالد الجمل الداعية الإسلامي والخطيب بالأوقاف: «أقول للفنان خالد الصاوى في حزنه علي موت كلبه: «قل إنا لله وإنا إليه راجعون، فمن يحزن لموت كلبه مسلم رحيم، والدعاء عند الحزن الشديد لا مؤاخدة شرعية فيه».
وتابع: «أسأل الله تعالى أن يلهم خالد الصاوي الصبر والسلوان في فقد كل عزيزه لديه، مضيفاً: رحمة المسلم تطال الإنسان والحيوان علي حد سواء، فمن لايصدق هذا فليتعلم حديث رسول الله عندما غضب لحزن مجرد طائر وقال: «من فجع هذه بولدِها ؟ رُدُّوا ولدَها إليها».
وواصل: «من قارن الحزن على أهلنا فى غزة وفى غيرها بالحزن لموت حيوان أليف فهو جاهل، واعتادت التيارات الفكرية المتشددة تعليم الناس تسفيه محبة الحيوانات بل وكراهية بعضها كالكلاب مثلا وهذا ليس من دين الله في شيء».
وأفاد بأن المسلم الذي يحزن علي فقد كلبه الوفي هو مسلم رحيم .. والجنة بها مالايتخيله مخلوق، والدعاء له ضوابط وآداب قد لايراعيها المسلم عند حزنه الشديد، ولا شيء في ذلك حتى يهدأ كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ».
قالت دار الإفتاء، إنه يظن البعض أن الاهتمام بقضية “الرفق بالحيوان” قد بلغ منزلة عظيمة في ظل الحضارة الغربية الحديثة، في حين أن نظرةً خاطفةً لتراث المسلمين تؤكد أن هذا الاهتمام، بل والتطبيق العملي له، نشأ نشأةً حقيقية بين المسلمين من عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وما تلاه من عهود، كيف لا، وهذه القضية مظهرٌ من مظاهر الرحمة، التي جاء الإسلام ليكون عنوانًا عليها، وجاء الرسول ليكون تجسيدًا لها؛ قال تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ» [الأنبياء: 107]، ليس للآدميين فحسب، بل للعالمين؛ من إنسانٍ، وحيوانٍ، وماءٍ، وهواءٍ، وجمادٍ، … إلخ.
واستطردت: «كانت التوجيهاتُ الإسلامية في هذا الشأن واضحةً؛ فقد بيَّن الله تعالى أنه يتولى رزق كلِّ من في هذا الكون؛ فقال: «وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ» [هود: 6]، وبيَّن سبحانه أن هذه الدوابَّ والطيورَ مخلوقاتٌ مثل الآدميين، ومن ثمَّ يجب ألا تتعرض لظلمٍ أو تعذيبٍ: «وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ» [الأنعام: 38].
فضل الرحمة بالحيوان
وأردفت: والرسول صلى الله عليه وآله وسلم أكَّد على هذا المعنى عدَّة مراتٍ في توجيهه وتعليمه لأمته؛ حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم: «دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ» رواه البخاري، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم «أَنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا رَأَتْ كَلْبًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ، قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ مِنَ الْعَطَشِ، فَنَزَعَتْ لَهُ بِمُوقِهَا فَغُفِرَ لَهَا» رواه مسلم.
وأردفت: وركبت السيدة عائشة بعيرًا، فكانت فيه صعوبةٌ، فجعلت تُرَدِّدُه (أي: تمنعه وتدفعه بشدةٍ وعنفٍ)، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ» رواه مسلم، وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم خَلْفَهُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا من النَّاسِ، وَكَانَ أَحَبُّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم لِحَاجَتِهِ هَدَفًا، أَوْ حَائِشَ نَخْلٍ، قَالَ: فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ من الْأَنْصَارِ فَإِذَا جَمَلٌ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ فَسَكَتَ، فَقَالَ: «مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ، لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ؟»، فَجَاءَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: لِي يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ: «أَفَلَا تَتَّقِي اللهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللهُ إِيَّاهَا؟، فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ» رواه أبو داود.
ونبه على أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- نهى عن اللهو بالطيور والحيوانات -كما يحدث من بعض قُساةِ القلوبِ ومن يتلذذون بمصارعة الثيرانِ، ومهارشةِ الديوك، واللهوِ بالطيور-؛ فعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم عَنِ التَّحْرِيشِ بَيْنَ الْبَهَائِمِ» رواه أبو داود والترمذي، ومعنى والتحريش هو: الإغراء، وتهييج بعضها على بعضٍ -كما يفعل بين الجمال، والكباش، والديوك، وغيرها، ووجه النهي أنه إيلامٌ للحيوانات، وإتعابٌ لها بدون فائدة، بل مجرد عبث.
واستدلت بما روي أنه مَرَّ ابنُ عمر بفتيان من قريش قد نصبوا طيرًا، وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرَّقوا، فقال ابن عمر: “من فعل هذا، لَعَنَ اللهُ من فعل هذا؟ إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لَعَنَ من اتخذ شيئًا فيه الروحُ غرضًا” رواه مسلم.
ولفتت إلى أنه من هذه الروح وهذا التصور صاغ الفقهاء أحكامًا خالدةً تؤكد على هذه المعاني السامية؛ فلقد نص الفقهاء على أنه تجب النفقة للبهائم المملوكة، سواء كانت مما يؤكل لحمًا، أو مما لا يؤكل، فإذا امتنع مالكها أجبره الإمام أو القاضي على بيعها، ولو كان لها ولد، ولم يكف لبنها سوى إطعامه امتنع أن يحلبها أحد، ولو أجدبت الأرض وصارت غير قابلة للزراعة، وجب على مالك البهيمة أن يبحث عن طعامها، كما يبحث عن طعام أولاده، ويحرم خصاء البهائم؛ لما يلحقها من التعذيب، ولا يجوز حمل الأثقال على ما لم تُخلق للحمل؛ كالبقرة، والجاموسة، والغزالة، ونحوها، ويحرم أيضًا متابعة السفر عليها دون أن ترتاح، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْخِصْبِ، فَأَعْطُوا الْإِبِلَ حَظَّهَا مِنَ الْأَرْضِ، وَإِذَا سَافَرْتُمْ فِي السَّنَةِ، فَأَسْرِعُوا عَلَيْهَا السَّيْرَ، وَإِذَا عَرَّسْتُمْ بِاللَّيْلِ، فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ، فَإِنَّهَا مَأْوَى الْهَوَامِّ بِاللَّيْلِ» رواه مسلم.