الملك: علاقتنا مع اسرائيل في حالة توقف مؤقت

أجرت قناة فرانس 24 مقابلة مع جلالة الملك عبدالله الثاني، أمس الأحد، ركزت على جملة من القضايا المرتبطة بالشأن المحلي والتطورات الإقليمية والدولية الراهنة. وتاليا نص المقابلة التي أجراها الإعلامي مارك بيرلمان: بيرلمان: جلالتكم على وشك التوجه إلى أوروبا، ومن ضمن مباحثاتكم هناك، والمواضيع التي ستناقشونها مع القادة الأوروبيين، سيكون هناك سؤال كبير وموضوع شائك، وهو هل نحن على حافة الحرب المفتوحة بين الولايات المتحدة وإيران؟ جلالة الملك: أعتقد أن الإجابة الأولى على ذلك هي أنني آمل ألا نكون كذلك، سأتوجه إلى بروكسل وستراسبورغ وباريس خلال الأيام القليلة القادمة، للتواصل مع أصدقائنا القادة في أوروبا لنستعرض عدة مواضيع في منطقتنا وننسق حيالها، ومن الواضح أن ما يشغل بال الناس هو ما يحدث بين إيران والولايات المتحدة.

لغاية الآن، يبدو أن هناك تهدئة، ونرجو أن يستمر هذا التوجه، إذ لا يمكننا تحمل عدم الاستقرار في منطقتنا، الذي يؤثر على أوروبا وبقية العالم، مباحثاتنا ستتناول إيران بشكل كبير، ولكنها ستتمحور أيضا حول العراق، لأنني أعتقد أن في هذه المرحلة، وفي نهاية المطاف، أن الشعب العراقي هم الذين قد عانوا ودفعوا الثمن، ويستحقون الاستقرار والمضي نحو المستقبل، كما أن النقاش في أوروبا سيتركز على كيفية دعم الشعب العراقي، ومنحهم الأمل بالاستقرار وبمستقبل بلادهم، وسنناقش أيضا كل المواضيع التي، للأسف، تشهدها منطقتنا.

بيرلمان: هل كان قرار الرئيس ترمب بقتل الجنرال الإيراني البارز قاسم سليماني قرارا صائبا؟

جلالة الملك: إنه قرار أمريكي، وما نود نحن فعله هو التأكيد على أن هذا أمر قد حصل، ونحن الآن على أعتاب عقد جديد وليس فقط عام جديد، ونأمل أن نقوم في الأشهر القليلة القادمة بتصويب الاتجاه في المنطقة، من خلال السعي للتهدئة والحد من التوتر، وكما تعرف، فإن كل شيء في هذه المنطقة متشابك، فما يحصل في طهران سيؤثر على بغداد ودمشق وبيروت، وعملية تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولذلك أعتقد أن زيارتي إلى أوروبا تأتي في توقيت مناسب، وهناك يجب أن نبحث في تعزيز التواصل بعقلانية واحترام، بدلا من أساليب الخطاب التي تؤجج المشاكل، وقد تقود إلى الهاوية.

بيرلمان: ذكرتم العراق، هل تخشون أن تتجه البلد مجددا إلى فترة من الانقسام الطائفي والحرب الأهلية؟

جلالة الملك: إنه احتمال، ولكن لدي ثقة كبيرة بالشعب العراقي.

بيرلمان: ولكنكم قلقون.

جلالة الملك: يجب علينا أن نكون قلقين، مرة أخرى، أؤمن بالشعب العراقي وقدرته على المضي قدما نحو الضوء في نهاية النفق، العراق كان يسير بقوة في اتجاه إيجابي خلال العامين الماضيين، وأعتقد أن رحيل الحكومة أعادنا ربما خطوتين إلى الوراء، وأنا واثق بقدرة القادة العراقيين على العودة نحو الاتجاه الإيجابي، علينا العمل بعزم للتأكد من أن الطائفية لن تكون قضية تواجهنا، ولكن مرة أخرى، سيكون هاجسي خلال المباحثات التي سأجريها في أوروبا هو ما شهدناه خلال العام الماضي من عودة وإعادة تأسيس لداعش، ليس فقط في جنوب وشرق سوريا، بل وفي غرب العراق أيضا.

إن كان هناك انقسام في المجتمع العراقي، فأنا متيقن أن قادة العراق سيعملون من أجل تخطيه، وعلينا التعامل مع عودة ظهور داعش، لأن هذا سيشكل مشكلة لبغداد، ويجب علينا أن نقوم بمساعدة العراقيين للتصدي لهذا التهديد، وهو تهديد لنا جميعا ليس فقط في المنطقة، بل ولأوروبا وبقية العالم.

بيرلمان: كما ذكرتم وربما لاحظتم رحبت داعش بمقتل قاسم سليماني، وأوقف التحالف الذي يحارب داعش عملياته في العراق، ومن الواضح أن هناك حديثا حول انسحاب الجنود الأمريكيين من العراق وشاهدنا ذلك في سوريا، هذا يدعو للسؤال، هل فشلنا في الحرب على داعش؟

جلالة الملك: أعتقد أن المنطق السليم سيسود، كما شاهدنا فيما حصل خلال الأسبوع الماضي، كانت هناك نقاشات عديدة ليس مع الولايات المتحدة فحسب، ولكن مع العديدين تحت مظلة الناتو عن كيفية الانتقال من حماية قوات التحالف في العراق، لنوجه النقاش في الاتجاه الصحيح وهو العمل مع العراق وآخرين في المنطقة من أجل التغلب على داعش ومواجهة عودته في سوريا والعراق، علما بأن الحديث هنا ليس فقط عن هذين البلدين، فلدينا مشكلة في ليبيا، حيث نرى المقاتلين الأجانب الذين خرجوا من سوريا يعيدون تمركزهم في ليبيا بقوة، ومن المنظور الأوروبي، بسبب قرب ليبيا من أوروبا، هذا سيكون محور نقاش مهم في الأيام القليلة القادمة عن كيفية التعامل مع ليبيا، والتأكد من أننا نقوم بما هو مطلوب لمواجهة التنظيمات الإرهابية.

بيرلمان: بالحديث عن ليبيا، ما هو رد فعلك على إرسال تركيا لقوات هناك؟

جلالة الملك: مرة أخرى، هذا سيخلق المزيد من الارتباك، على ما أعتقد، لقد كان هناك قرار روسي مهم اليوم، ونرجو أن يسهم ذلك في تهدئة الأمور، ولكن عدة آلاف من المقاتلين الأجانب قد غادروا إدلب وانتهى بهم المطاف في ليبيا، وهذا أمر علينا جميعا في المنطقة وعلى أصدقائنا في أوروبا مواجهته في عام 2020، لأننا لا نريد دولة فاشلة في ليبيا، ومواجهات مفتوحة أخرى للتحالف ضد المنظمات الإرهابية المتطرفة.

بيرلمان: بالعودة لإيران، حذر الرئيس ترمب من أن إيران كانت ستستهدف أربع سفارات أمريكية، هل كانت السفارة الأمريكية في الأردن إحدى هذه الأهداف؟ وفي إطار أوسع، هل رأيتم أي مؤشرات إلى أن وكلاء إيران يخططون ربما لاستهداف الأردن؟

جلالة الملك: كان هناك مستوى تهديد أعلى خلال عام 2019 على أهداف معينة داخل الأردن، فمن منظور عسكري نحن في حالة تأهب أعلى لمواجهة وكلاء قد يستهدفون …

بيرلمان: ليس داعش. أنت تتحدث عن وكلاء إيران.

جلالة الملك: نعم، كان هذا مصدرا للقلق، ولكن لحسن الحظ لم يحدث شيء.

بيرلمان: ولكن كانت هناك محاولات

جلالة الملك: ليست محاولات، كان هناك – عندما نقول حالة تأهب أعلى، فهو لأننا نرصد اتصالات تتحدث عن أهداف في الأردن، وبالتالي نتخذ الإجراءات اللازمة للرد بالشكل المناسب ونكون متأهبين لأي شيء، لم يحدث شيء، ولكن مرة أخرى، أعتقد أنه علينا أن نعود إلى الحوار بيننا جميعا، لأن أي سوء تقدير من أي طرف يعد مشكلة لنا جميعا، وكلنا سندفع الثمن.
بيرلمان: أنت بالطبع تحدثت عن الهلال الإيراني قبل بضعة سنوات، ودور إيران كقوة إقليمية، ولكن في الوقت ذاته شاهدنا احتجاجات داخل إيران حول ارتفاع الأسعار تم قمعها بوحشية، والآن نشهد احتجاجات حول إسقاط الطائرة الأوكرانية، يبدو أن هناك تناقضا، إيران تبرز قوتها للخارج، ولكن أليس النظام الإيراني هشا؟

جلالة الملك: جيد أنك قلت ذلك، فأنا عندما قلت تلك العبارة استخدمت تعبير الهلال الشيعي، ولكن في الواقع هو الهلال الإيراني الذي لديه امتداداته في العراق وسوريا ولبنان، وهو أمر كان علينا جميعا مواجهته، وكلنا نتابع التحديات الداخلية التي تواجه الشعب الإيراني، وأعتقد أن الاقتصاد في وضع صعب، وهذا يضع ضغوطات على النظام، وكما هو الحال في منطقتنا، لدينا أكبر جيل من الشباب في التاريخ، وجميعهم يريدون فرصا في الحياة والاستقرار، لذا يجب علينا جميعا التوصل لطريقة من أجل العمل على اقتصاداتنا داخليا لتوفير حياة أفضل للناس، وهذا تحد كبير على ما أعتقد بالنسبة لإيران والشعب الإيراني، الذي يستحق فرصا لحياة أفضل وللازدهار.

بيرلمان: بشكل مختصر، رحيل السلطان قابوس الذي كان يشكل حلقة تواصل بين إيران والولايات المتحدة، هل سيكون لرحيله وقع أكبر في ظل الظروف الراهنة؟

جلالة الملك: بالطبع جلالة السلطان الراحل كان رمزا، وكانت هناك صداقة وطيدة بينه وبين جلالة الملك الحسين الراحل، كنت محظوظا جدا لأني ورثت تلك الصداقة، فجلالته كان معروفا كصوت حيادي وعقلاني وكقائد يقرب الناس من بعضهم، وبالتحديد كان حلقة قوية للتواصل ما بين إيران والعالم العربي والمجتمع الدولي، أنا مقتنع تماما أن عُمان ستستمر بالقيام بهذا الدور الإيجابي، ولكن بكل تأكيد، كان جلالة السلطان من الجيل الأخير من القادة الذين نفتقدهم، وأعتقد أن العالم سيفتقد قدرة السلطان الراحل على التقريب بين الشعوب.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى