اشخاص يعتدون على إمرأة عجوز للاستيلاء على البسطة التي تسترزق منها ويصيبونها بارتجاج في المخ

بحسب جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” فقد حصلت أم علي (إسم مستعار) وعمرها فوق 70 عاماً على موقع لبسطتها في سوق الجمعة من قبل أمانة عمان للترزق منه ببيع الملابس المستعملة، وتقضي وقت فراغها بالعمل كونها وحيدة فأبنائها خارج الأردن، وكون موقعها مميز فقد طالبها عدد من البائعين تغييره للحصول عليه إلا أنها رفضت، فقاموا بضربها على رأسها وفقدت على أثر ذلك وعيها ونقلت الى المستشفى حيث تبين إصابتها بإرتجاج في الدماغ، ورفعت عليهم قضية لا تزال منظورة لدى المحكمة.

ونتيجة الإعتداء والإجراءات المتخذه بسبب جائحة كورونا، خسرت أم علي مكانها المفضل في السوق، وحاولت التواصل مع أمين عمان للحصول على مكان آخر إلا أنها لم توفق في مقابلته الى اللحظة.

إن ما تعرضت له أم علي من تنمر وسوء معاملة وإعتداءات جسدية تظهر أهمية إيلاء العناية والوقاية والإستجابة وإعادة التأهيل لكبيرات السن تحديداً اللاتي يكافحن من أجل تأمين سبل عيشهن بكرامة.

وتشير “تضامن” الى أن إساءة المعاملة تؤدي الى مشاكل وعواقب وخيمة على المسنين والمسنات، من بينها الآثار النفسية كالوحدة والقلق وفقدان الكرامة والأمل، والآثار البدنية كالإصابات والعجز الدائم وتردي الظروف الصحية.

عالمياً… 15% من كبيرات وكبار السن تعرضوا لشكل من أشكال سوء المعاملة

وفقاً لدراسة نفذتها منظمة الصحة العالمية أجريت عام 2017 تحت عنوان “إساءة معاملة المسنين – دور قطاع الصحة في الوقاية والاستجابة” فإن 15.7% من الأشخاص الذين أعمارهم 60 عاماً فأكثر قد تعرضوا لشكل من أشكال سوء المعاملة، وقدرت الدراسة بأن نسبة إنتشار الاعتداءات النفسية على المسنين 11.6%، وسوء الاستخدام المالي 6.8%، والأهمال 4.2%، والاعتداءات الجسدية 2.6%، والاعتداءات الجنسية 0.9%، علماً بأن التقديرات تشير أيضاً الى أن 1 من كل 24 حالة يتم الإبلاغ عنها فقط، مما يجعل نسب الإنتشار غير دقيقة و/أو صحيحة.

وتضيف “تضامن” بأن الدارسة أظهرت أن إساءة معاملة المسنين والمسنات قد تكون لمرة واحدة أو بشكل متكرر، وتتخد أشكالاً متعددة، منها الإساءة النفسية أو العاطفية كالشتائم والتهديدات والإدلال والسيطرة على السلوك والحبس والعزل، أو انتهاكات بدنية كالضرب والدفع والركل وإستخدام الأدوية بشكل غير مناسب أو مقيد، أو الإهمال أو الهجر كعدم توفير المآكل والمسكن والرعاية الطبية، أو الاستغلال المالي كسوء استخدام أو سرقة أموال أو أصول المسن أو المسنة، أو الاعتداءات بما فيها التحرشات الجنسية.

وغالباً ما يكون مرتكبي إساءة معاملة المسنين والمسنات في موضع ثقة، كأفراد الأسرة أو مقدمي الخدمات والرعاية الصحية. وقد تحدث الإساءة في المنزل (وهو ما يجعلها مخفية) وحينها يرتكب 90% من أفراد الأسرة هذه الإساءة ضد المسنين والمسنات. كما أنها قد تحدث في مؤسسات ودور الرعاية.

هذا ويحجم المسنون والمسنات عن التبليغ خوفاً من الإنتقام أو خشية وضع مرتكب الإساءة في ورطة مع الأجهزة الأمنية، وضعف الدعم والخدمات النفسية، والشعور بالقلق والاحراج. كما أن عدداً محدوداً من الدول لديها نظم تعنى بإساءة معاملة كبار وكبيرات السن.

تقرير دولي يظهر معاناة النساء كبيرات السن

وفي تقرير لمنظمة Helpage International حمل عنوان “لنا نفس الحقوق” يظهر أصوات النساء كبيرات السن بالإستناد الى كلماتهن وتعابيرهن وعباراتهن الشخصية بشأن حقوقهن في التحرر من العنف والإساءة والإهمال في سن الشيخوخة.

تحدث إساءة معاملة كبار وكبيرات السن في جميع أنحاء العالم، ونادراً ما تتخذ الحكومات أي إجراءات تجاهها. فقد نفذت أقل من ثلث الحكومات في جميع أنحاء العالم نوعاً ما من الإستراتيجيات للكشف عن إساءة معاملة كبار السن، أو نشر الوعي عنها، أو معالجتها. وعلاوة على ذلك، لا توجد معايير أو إتفاقيات دولية لحقوق الإنسان بشأن تحرير المسنين والمسنات من العنف والإساءة والإهمال.

574 ألف عدد كبار وكبيرات السن في الأردن حتى نهاية 2019 ويشكلون 5.5% من سكان المملكة

حسب دائرة الإحصاءات العامة، فإن عدد كبار وكبيرات السن في الأردن (+60 عاماً) بلغ 574400 شخصاً، منهم 281960 امرأة وبنسبة 49.1% (292440 رجل وبنسبة 50.9%). علماً بأنه كل يوم يحتفل 85 أردنياً منهم 41 إمرأة بعيد ميلادهم الـ 60.

وتشدد “تضامن” على أن النساء كبيرات السن يتعرضن أكثر من الرجال إلى العنف والتهميش والإساءة نظراً للتمييز السائد ضد النساء ولقلة مواردهن المالية وضعف مكانتهن في الأسرة والمجتمع كما أن كبار السن رجالاً ونساءاً يستحقون التمتع بشيخوخة آمنة مستقرة من خلال تقديم المزيد من الخدمات الصحية والتقاعدية والإيوائية، وأنه لا بد من مجابهة كافة أشكال العنف الذي يتعرضون له. فإذا كان عالمنا يتجه نحو إطالة عمر الإنسان ، فلا بد وأن يترافق ذلك مع إحترام كامل لكرامة وحقوق كبار السن الإنسانية ، كما لا بد من التعامل معهم كمصدر للخبرة والمعرفة التي تتناقلها الأجيال. وأن المستقبل الذي نريد كما اكدت عليها أهداف التنمية المستدامة 2030، هو المستقبل الذي تراعى فيه أولويات كبار السن بشكل عام وكبيرات السن بشكل خاص.

ويعاني العديد من كبار السن في الأردن من مشكلات وإنتهاكات متعددة وعلى رأسها العنف الأسري والفقر بما فيه التخلي عن الرعاية والإيواء مما يؤثر على صحتهم وحالتهم النفسية وعلى إمكانيات المساهمة في صياغة مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم. إذ على الرغم من التقدم الكبير الذي أحرزه الأردن في مجال رعاية كبار السن إلا أن ذلك لم يمنع إستمرار معاناة الكثيرين منهم خاصة في المناطق الحضرية، علماً بأن “تضامن” ومن خلال مركز الإرشاد الاجتماعي والقانوني التابع لها رصدت العديد من هذه الإنتهاكات وقدمت خدماتها الارشادية لهم خاصة للنساء كبيرات السن.

ويرى تحالف “بثينة” لحقوق كبار السن ومنسقته “تضامن” (يضم في عضويته أكثر من 450 هيئة ومؤسسة وأفراد من كافة محافظات المملكة)، على أنه وبالرغم من أن المجتمع الأردني هو مجتمع شاب بالنظر الى تدني نسبة المسنين من عدد السكان الإجمالي، إلا أن ذلك يجب أن يكون حافزاً لجعل كبار السن الفئة الأكثر رعاية وإهتماماً، وتوفير فرص الإستفادة من خبراتهم وتجاربهم ومعارفهم لرسم صورة المستقبل بطريقة مثلى لا تنغصها معاناة يمكن تفاديها بتضافر جهود المؤسسات والجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى