أمجد أبو عليا.. لحق بصديقه

أصابع أمه تمشي على وجه أمجد، ثم تهبط لتتحسس صدره، قبل أن تنفجر من البكاء على جسد ابنها، في وداعية أخيرة في المنزل.

“طلبت الشهادة ونلتها، واليوم عرسك” بهذه الكلمات خاطبت أمل أبو عليا ابنها أمجد لحظة وصول جثمانه.

رصاصة وجهها جندي اسرائيلي، أصابت صدر الفتى أمجد أبو عليا (16 عاما)، خلال مواجهات عنيفة اندلعت في منطقة السهل الشرقي بقرية المغير شرق رام الله، مع قوات الاحتلال والمستوطنين، عقب قمع مسيرة سلمية نظمتها القوى الوطنية والإسلامية وفعاليات القرية، وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، رفضا لاعتداءات المستوطنين.

انطلق موكب تشييع جثمان الشهيد من ساحة وسط القرية، بعد أن أدوا صلاة الجنازة على جثمانه الطاهر، قبل أن يوارى الثرى في المقبرة.

في ذات المكان وقبل عامين، استشهد علي أبو عليا (14 عاما) برصاص قناص في بطنه، وبجانبه ابن عمه وصديق طفولته أمجد الذي راح يتحسسه ويصرخ “علي استشهد.. علي استشهد”.

عاد أمجد حينها سالما ولم يصب بأذى، لكن هذه المرة لم يسلم من رصاص الاحتلال.

نصار ابن عم أمجد قال لـ”وفا”: كان علي وأمجد بصحبة بعضهما أينما ذهبا. في المدرسة، والقرية، وفي كل المناسبات تجدهما معًا، ودائما ما كنت أراهما يذهبان لرعي الأغنام في الجبال، حتى عندما استشهد علي كان بجانبه أمجد، حينها انهار من شدة البكاء.

“كانت علاقته مع أهل القرية قوية جدًا رغم صغر سنه، وعرفه أهل المغير بطيبته وعفويته، وابتسامته الدائمة، كان اجتماعيا ويحب التواجد في كافة المناسبات، ويحب اجتماعات الناس واللقاء بهم دائمًا”، يقول نصار.

قبل عدة أعوام اكتشف نشأت والد الشهيد إصابته بسرطان الغدة، ولم يعد يقوى على العمل في ورشات البناء كالسابق، ليعتمد أمجد على نفسه ويكون السند لوالده ولأهل بيته.

يقول نصار “كان أمجد يتغيب عن المدرسة كثيرًا حتى يساعد ويعيل عائلته، وقد تغيب العام الماضي أربعة أشهر، لعدم قدرة والده على العمل، وكان يعمل طوال اليوم ليستطيع تأمين قوت يومه، وبعد ذلك تمكن من العودة للمدرسة بعدما بدأ والده بالتعافي.

أُجبر أمجد للعمل في سن صغيرة، وتحمل مسؤولية كبيرة في وقت لم يعمل فيه أي شيء، لكنه اضطر لذلك.

“كنت أراه في بعض الأيام وهو في غاية التعب، ومنهك جدا وفي بعض الأحيان لا يقوى على الكلام.. كان بمثابة الأب الثاني للبيت، لكنه رحل ولن يعود أبدًا”، يقول نصار.

وأكد أن هذه جرائم بشعة لا تميز بين كبير وصغير، وهي سياسة اجرامية تمارسها سلطات الاحتلال بحق أبناء شعبنا، ولن تكون الأخيرة طالما المحتل يصول ويجول دون عقاب أو رادع.

محمد عبد الكريم، صديق الشهيد قال “أمجد كان يتمنى لو أن له أخا يكون له معيل وصديق في البيت”.

وتابع: “أمجد كان يحلم كما الجميع بأن ينهي مدرسته ويكمل تعليمه الجامعي، لكن الاحتلال قتل حلمه”.

رئيس المجلس القروي لقرية المغير أمين أبو عليا، أكد أن الشهيد أمجد هو الشهيد السابع في القرية، وهي نتيجة سلسلة جرائم وتسلسل لتساقط الشهداء على جغرافية فلسطين، وهي سياسة ممنهجة تقودها عصابات الحكومة الاسرائيلية.

ولفت إلى أن المنطقة تطل على “شارع ألون” الاستيطاني الرابط مع غور الأردن، ويسعى الاحتلال لضم أراضٍ من المنطقة لتوسعة أحواض مستوطنات أقيمت على أراضي المواطنين، من أجل عمل فصل كامل بين منطقة الوسط والشمال.

وفا

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى