وفاة مزارعة وإصابة 6 اخريات تجدد المطالبة بإنصاف العاملات

جددت وفاة عاملة خمسينة تعمل في قطاع الزراعة وإصابة ست مزارعات أخريات الأسبوع الماضي في منطقة المشارع في الاغوار الشمالية بحادث سير، المطالب بتأمين بيئة عمل لائقة للعاملين في الزراعة وتحديدا للإناث، حيث تؤكد منظمات مجتمع مدني مواجهتهن للعديد من التحديات والانتهاكات.
وقال بيان صدر أول من أمس عن مؤسسة صداقة والنقابة المستقلة لعاملات وعمال الزراعة إن العاملات في قطاعي المصانع والزراعة يواجهن العديد من التحديات في واقع عملهن من دخل منخفض وانعدام التأمينات والحمايات الاجتماعية.
وقال البيان إن من “أبرز التحديات التي تهدد حياة العاملات وبشكل يومي هي مسألة التنقل، والحوادث التي يتعرضن لها خلال التنقل من وإلى العمل، والتي أصبحت تشكل رعبا حقيقيا لديهن، جراء تكرر الحوادث المؤلمة التي ذهب ضحيتها عدد من العاملات، وكان آخرها الحادث الذي وقع الأسبوع الماضي في منطقة المشارع في الاغوار الشمالية وأودى بحياة عاملة خمسينية وإصابة ست اخريات يعملن في مصنع للمنسوجات”.
ولفت البيان الى إن وسائل النقل المستخدمة تعتبر من أكبر التحديات التي تواجه عاملات المصانع والزراعة وبشكل يومي خاصة في منطقة الاغوار.
وقال البيان: “نناشد نحن مؤسسة صداقة والنقابة المستقلة لعاملات وعمال الزراعة، بضرورة تأمين نقل آمن للعاملات ووسائط نقل لائقة ومرخصة تضمن سلامة العاملات أثناء التنقل من وإلى العمل، ونشدد على ضرورة تفعيل آليات التفتيش والرقابة على وسائط النقل التي تستخدمها العاملات وضمان أهلية السائقين”.
وكانت دراسة أصدرتها مؤسسة صداقة مؤخرا أكدت أن أكثر من 86 % من العاملات بالزراعة في منطقة الأغوار تعرضن لحوادث أثناء تنقلهن من وإلى العمل، وكانت الحمولة الزائدة من أهم مسببات وقوع الحوادث، فيما أوضحت دراسة اخرى لـ”صداقة” أن 47 % من النساء ترفض العمل بسبب غياب منظومة آمنة للنقل العام.
وقال البيان ان “وداد محمد ذياب بني علي من سكان منطقة الطبقة ليست أول عاملة تفقد حياتها بسبب الحوادث المتكررة، والجدير بالذكر بأنها كانت المعيلة الوحيدة لأسرتها المكونة من ابنتين، الكبرى تدرس في إحدى جامعات الجنوب والأخرى في الصف الثاني ثانوي، وهذا يؤكد ضرورة وجود حمايات وتأمينات اجتماعية للنساء”.
وأظهرت دراسة “صداقة” حول ظروف عاملات الزراعة وأثر النقل على عملهن وحياتهن بأن ما نسبته 100 % من العاملات في الزراعة غير مشمولات بالضمان الاجتماعي، وأن 49 % منهن المعيلات الوحيدات لأسرهن.
واكدت الدراسة أيضا أن “حادث السير يكشف أيضا أهمية التنظيم النقابي وأهمية وجود لجنة نقابية للعاملات تدافع عن حقوقهن وتعمل على نقل قضاياهن لنقابة الغزل والنسيج، حيث هذا الحادث يعتبر إصابة عمل بامتياز، وبالتالي نطالب بأن تتحمل ادارات المصانع مسؤولية نقل العاملات، وضرورة تشكيل لجنة رقابية من العاملات في كل مصنع”.
في سياق متصل، وبعد مضي اكثر من عام على اقرار نظام العاملين في الزراعة، الذي تأخر صدوره حوالي 13 عاما، يطرح خبراء في مجال سياسات العمل تساؤلات حول جدية وزارة العمل بتطبيقه خاصة ان النظام كما تم اقراره يضم العديد من الاشكاليات التي تحول دون ذلك.
وكانت الحكومة أقرت النظام في مطلع ايار (مايو) عام 2021 بنشره في الجريدة الرسمية، والذي جاء تلبية لمادة في قانون العمل تم استحداثها عام 2008 تنص على شمول عمال الزراعة وعمال المنازل بأنظمة تصدر لهذه الغاية، وصدر نظام العاملين في المنازل فقط لكن لم يصدر نظام للعاملين في الزراعة حتى الشهر الماضي.
ويحوي نظام “عمال الزراعة” 17 مادة أهمها شمول عمال الزراعة بأحكام قانون العمل في أي موضوع لم يعالجه النظام، أي أن عمال الزراعة أصبحوا مشمولين بالقانون كاملا وبالضمان، غير أن النظام استثنى أصحاب العمل وعمالهم في حال استخدامهم 3 عمال فأقل من أحكام ساعات العمل والعطل ومن الشمول بالضمان.
وينص النظام على أن “ساعات العمل الزراعي العادية هي ثماني ساعات في اليوم الواحد ولا تزيد على ثمان وأربعين ساعة في الأسبوع تتوزع على ستة أيام على الأكثر، تعطى خلالها فترة للراحة لا تقل عن ساعة واحدة على مرحلتين حسب ظروف العمل ولا يحسب منها الوقت المخصص للراحة وتناول الطعام”.
وأجاز النظام لصاحب العمل “تشغيل العامل الزراعي أكثر من ساعات العمل اليومية العادية في حالات الموسم الزراعي والحالات الطارئة من اجل تلافي وقوع خسائر في المنتجات الزراعية على أن يتقاضى العامل أجرا إضافيا وبحسب المنصوص عليه في قانون العمل”.
وأكد استحقاق العامل الزراعي يوم عطلة أسبوعية وفقا لما تقتضيه طبيعة العمل الزراعي على انه “يجوز بالاتفاق مع صاحب العمل الزراعي جمع أيام عطلته الأسبوعية والحصول عليها خلال مدة لا تزيد على شهرين، ويلتزم صاحب العمل وعلى نفقته بتهيئة مكان سكن مناسب للعمال الزراعيين داخل المنشأة الزراعية في حال اقتضت طبيعة العمل ذلك وحسب الشروط الواردة في عقد العمل”.
وألزم النظام كل منشأة زراعية تستخدم ما لا يقل عن عشرين عاملا أن “تضع نظاما داخليا يبين أوقات الدوام وفترات الراحة اليومية والأسبوعية ومخالفات العمل والعقوبات والتدابير المتخذة بشأنها بما في ذلك الفصل من العمل وكيفية تنفيذها وأي تفاصيل أخرى تقتضيها طبيعة العمل وعلى أن يخضع النظام الداخلي لتصديق الوزير أو من يفوضه ويعمل به من تاريخ تصديقه”.
وتنص إحدى المواد على: “أ- يلتزم صاحب العمل الزراعي بإشراك العمال لديه بالتأمينات المشمولة بأحكام قانون الضمان الاجتماعي في حال انطبقت عليهم الأحكام الخاصة بالشمول الإلزامي الواردة في قانون الضمان الاجتماعي وتعديلاته ونظام الشمول بتأمينات المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي وتعديلاته”.
لكن على ارض الواقع: هل يمكن ان تتوفر التدابير والاجراءات لتفعيل بنود النظام؟ يجيب مدير بيت العمال حمادة ابو نجمة عن هذا السؤال بالتأكيد على ان بنود النظام ترتب مسؤوليات كبرى على وزارة العمل من حيث إصدار تعليمات خاصة بالتفتيش وبالسلامة والصحة المهنية وفي أوقات العمل في الظروف الجوية الاستثنائية، والأعمال المحظور تشغيل الأحداث فيها، والسكن العمالي.
ويرى ابو نجمة انه يجب تأهيل المفتشين لخصوصية التفتيش في القطاع الزراعي واستخدام التكنولوجيا الحديثة في التعامل مع مواقع العمل الشاسعة جغرافيا، كما على مؤسسة الضمان الاجتماعي العمل على وضع القواعد التنظيمية لشمول عمال الزراعة بتأمينات الضمان والرقابة على الالتزام بها.
بدورها، تؤكد مديرة جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان لندا كلش انه وبالرغم من ترحيبها بصدور النظام الا انه لم يتم الالتفات الى بعض النقاط مثل تعريف “المنشأة الزراعية” التي تؤكد كلش انه بشكله الموجود في النظام ضيق من نطاق العمال المشمولين بالحماية بحصرهم فقط في العاملين في المنشات المرخصة فقط.
وتقول كلش إن “اقتصار تطبيق نظام عمال الزراعة على المنشآت الزراعية المرخصة لدى وزارة الزراعة أو أي جهة رسمية أخرى ذات علاقة، من شأنه أن يخرج أعدادا كبيرة من العاملين والعاملات من الحمايات التي يوفرها النظام، اذ إن هنالك أعدادا كبيرة من الحيازات الزراعية ومنشآت الأعمال الزراعية غير مرخصة من أية جهة رسمية، والأصل أن تكون علاقة العمل بين أي صاحب عمل وعامل غير مرتبطة بمخالفة صاحب العمل في عدم إصداره للرخص اللازمة لممارسة عمله.
إلى جانب ذلك لم تتضمن مسودة النظام تنظيم عملية الوساطة في القطاع الزراعي على الرغم من وجود هذه الممارسة على أرض الواقع من خلال ما درج العرف على تسميته بـ (الشاويش أو المعلم) بحيث يتم ضمان عدم استغلال العامل من قبل الوسطاء، وهذا يتطلب تضمين النظام نصوصا واحكاما تعطي مفتشي وزارة العمل صلاحية الرقابة على أعمال الوسطاء في هذا القطاع، سواء أكانوا أفراد أو مؤسسات من خلال تنظيم أحكام التسجيل كوسيط، بحسب كلش.
وتنتقد كلش اسثناء النظام من أحكامه أصحاب العمل الذين يستخدمون 3 عمال فأقل، ما يحرم العديد من العاملين في الحيازات الصغيرة من حقوقهم المنصوص عليها، رغم تعرضهم لانتهاكات كما غيرهم من عمال الزراعة.
٧ تعليقات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى