عمليه كبرى في غزه

العميد الركن المتقاعد خلدون حامد عليدي

بسم الله الرحمن الرحيم

من ذاكرتي كقائد للمستشفى العسكري الأردني غزه /21 اثناء الحرب الاسرائيلية على غزه في العام 2012،
استضفنا وفد من نقابة الأطباء الأردنيين بعد العدوان الاسرائلي على غزه فاخبرتهم إنني تعلمت من زملائي الأطباء ان العمليات الجراحية تصنف بثلاث درجات (كبرى، ومتوسطة، وصغرى) اعتماداً على عدة معايير منها خطورتها على الحياة واعتماداً على مدتها على مقدار التداخلات اثناء العمليه ……الخ.
راجعت المستشفى العسكري الاردني /21 بعد تردد وخجل، طالبة جامعية غزية في بدايه العشرين من العمر، لعلها تجد علاج لمشكلة رافقتها من أيام الطفولة فقد كانت تعاني من مرض مزمن في الجيوب الانفية اثر على نطقها، وصعب عليها مخارج الحروف، وقد كانت خجلة منطوية على نفسها ولعلها تراكمات سنوات طويله من استهزاء اقرانها بها وبطريقه نطقها عند الحديث.
وجاءت الى المستشفى العسكري على استحياء، مترددة، ولكن يحدوها الامل بالله انه عز وجل سيستجيب يوماً ما لدعاء والدتها الموصول.
وبالفعل رتب لها القدر، أن تراجع يوم موعد عيادة جراحة الأنف والاذن والحنجره، وعلى الفور حظيت بتشخيص الطبيب الذي قرر إجراء العملية لها في اليوم نفسه، فوافقت، واجريت لها العملية.
كنا والطبيب، ننتظر على أحر من الجمر افاقة الفتاة من البنج، وماهي الا دقائق، وإذ بها تفيق ويسالها الطبيب ما اسمك؟ فتلفظ اسمها بكل وضوح، يبشر بنجاح العملية، وتنفجر بالبكاء، وكان الجميع يظن انها تبكي من الألم، ولكن في الحقيقة، كان بكاء الفرح، لانها لاول مرة في حياتها تنطق اسمها بكل وضوح وقالت من اليوم تبدأ حياتي.

أستاذنكم ضيوفي أن نعيد تصنيف العمليات او نحدث تصنيف آخر وهو عملية كبرى بناءاً على مدى التاثير الذي وقع على حياة هذه الفتاة وهو ( عمليه اعادة الامل ).
هذه صورة من صور بطولات إخواننا طواقم المستشفيات العسكرية في غزة لاعادة الامل، والفرح، ومن آلاف القصص، التي نسجت خيوطها الجميلة، أيادي طواقم مستشفياتنا العسكرية البيضاء، التي ذهبت إلى غزة بناءاً على مكرمة ملكية منذ العام 2009 وما زالت، لتدعم صمود الأهل هناك، وتضميد جراحاتهم النازفة.

 

العميد الركن المتقاعد
خلدون حامد عليدي
قائد مستشفى غزة/21

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى