“خلع الزوج” إلكترونيا يثير جدلا في السعودية

بعد مرور عامين من توصيات “برلمانية” في مجلس الشورى السعودي بأن تكون عصمة الطلاق بيد المرأة، أصدرت وزارة العدل قرار “الخلع الإلكتروني”، الذي اعتبره البعض متوافقاً لحد ما مع التوصيات الشورية، قبل أن توضح الجهات القضائية تفاصيل قرارها الذي يأتي “بضغطة زر”، بحسب تغريدة لمحام سعودي قال إنها “مجازيّة وفهمت بشكل خاطئ” بعد أن أثارت الجدل.

قرار “الخلع الإلكتروني” الذي أصدرته وزارة العدل يأتي “شريطة رضى الزوجين”، وذلك تسهيلاً للإجراءات.

وهو قرار يعيد جدلاً دار حول توصية البرلمانية السعودية السابقة إقبال درندري، التي طالبت في وقت سابق “بأن تكون عصمة الطلاق بيد المرأة”، وقوبلت باعتراض من رجال دين قالوا إن الأمر “لايجوز”، لكنها أصرت قائلة “المرأة ليست منفعلة، وليست كما يُعتقد بأنها  ستقوم بالتطليق فوراً إن سنحت لها الفرصة، ولو علم الزوج أن الطلاق بيدها سيحافظ على هذا الزواج”. مضيفة أن كثيراً من بنات جنسها يعانين من الظلم في الزواج والتعليق والتهميش، حال وصول الزوجين إلى طريق مسدود دون انفصال.

إصدار تحذير للرجل من الخلع بضغطة زر

واستباقاً لتوضحيات وزارة العدل حول الخطوات وأهداف قرار “الخلع”، أسهم المحامي السعودي وعضو النيابة السابق نايف آل منسي في إشعال فتيل الجدل بعد تغريدة قال فيها، “احذر… المرأة تستطيع خلعك بضغطة زر”، قبل أن يوضح أخيراً بقول، إن العبارة “مجازيّة” وأُخذت على نحو مختلف.

يقول القانوني آل منسي، “قد تكون إجراءات الخلع بعدة ضغطات وليست ضغطة واحدة، ولكن كلها تتم عن طريق التعامل الإلكتروني، من دون اشتراط الحضور إلا في حالات خاصة، وهي عدم اتفاق الزوجين، فإن الإجراء في هذه الحالة يعود كالمعتاد إلى المحكمة للتقاضي”.

ويأتي القرار في إطار ما تسعى له وزارة العدل السعودية، من تحويل خدماتها إلى رقمية، لتسهيل إجراءات كانت معقدة وتجرى بطريقة تقليدية.

عند التراضي فقط

شرح آل منسي كيفية الخلع “بضغطة زر”، مشيراً في البداية إلى أن الخلع هو طلب المرأة إنهاء عقد الزوجية إذا رفض الزوج تطليقها، على أن تدفع المهر الذي دفعه الزوج لها من قبل. وهو موجود في الشريعة الإسلامية منذ فجر الإسلام، ولم يكن قرار التوثيق لمبدأ لم يكن موجوداً من الأساس

إلا أن وزارة العدل اعتمدت نظاماً إلكترونياً بخطوات سهلة تغني عن التقاضي في المحكمة، واعتبرته سنداً رسمياً لا يستدعي حضور جلسات مرافعة أو إجراءات أخرى كما في السابق، هذا فقط في حال اتفاق الطرفين على مبلغ العوض، فإنهما عندئذ يوثّقان ذلك لدى الموثق لاختصار التقاضي، أما في حال رفض الزوج الخلع أو اختلفا على مبلغ العوض، فلا بد من التقاضي (إلكترونياً كذلك) لإثبات الخلع والعوض.

ليس بضغطة زر بل بـ 7 خطوات

ونشرت وزارة العدل دليل خدمات بوابة “ناجز” على موقعها الإلكتروني الرسمي، ومن بينها “قرار الخلع” الذي يمكن إنهاؤه في حال “التراضي” في 7 خطوات بسيطة، وهو إجراء كان يستغرق أسابيع وأشهراً للبت فيه من قبل محاكم الأحوال الشخصية.

وأشارت العدل إلى أن هذه الخدمة تتيح توثيق الخلع من خلال تعبئة النموذج المخصص، واكتمال الإجراءات والمصادقة على الطلب، وبعد اعتماده تصدر وثيقة خلع رسمي في دقائق بسيطة.

نظام “تنفيذ” العدلي

وكان وزير العدل السعودي رئيس المجلس الأعلى للقضاء وليد بن محمد الصمعاني، قد أطلق قبل أسابيع قليلة، نظام “تنفيذ” الإلكتروني في جميع محاكم التنفيذ في المملكة، الذي يهدف إلى الارتقاء بجودة العمل ورفع سقف الإنجاز والأداء، واختصار الوقت والجهد على المستفيدين، وتلافي جميع الإشكالات السابقة التي كانت تواجه عمل قضاء التنفيذ، مثل تأخر تحويل المبالغ المالية، ورفع منع التعامل المالي.

ويختصر نظام “تنفيذ” الإلكتروني 70 إجراءً إلى 5 إجراءات، ويختزل 5 أنظمة تشغيل في نظام واحد يتميز بأدوات تفاعلية ذكية، مثل خاصية التنبيه الذكي التي تسرع عملية اتخاذ القرارات للطلبات، وتجهيز متطلبات الإجراءات التالية آلياً، من دون الحاجة إلى التدخل البشري.

ووفقاً لنظام التوثيق الجديد في السعودية، قامت وزارة العدل بإطلاق دليل رقمي لتلك الخدمات، وذلك من المحاكم حتى مكاتب العدل، كما أنها قامت بإطلاق بوابة  “ناجز” الإلكترونية لإتمام تلك الخدمات.

العصمة من أبسط حقوق المرأة

 يعيد “قرار الخلع” وما صاحبه من جدل “عصمة الطلاق بيد المرأة” للسطح مجدداً، وكانت عضو لجنة حقوق الإنسان والهيئات الرقابية في مجلس الشورى سابقاً إقبال درندري، قد قالت، في معرض مطالباتها السابقة، إن “السيدات المسلمات يعانين من التهميش منذ القدم، بسبب وضع العصمة بيد الرجال في كل شيء، حتى في الطلاق وتحديد مصير حياة المرأة السعودية وعائلتها.”

وذكرت أن “المرأة السعودية تقف اليوم على مشارف التغيير لما تحظى به من اهتمام على مستوى القيادة وولاة الأمر، لكن التغيير الذي طال مناحي متعددة في حياة المرأة السعودية من وصولها إلى مناصب قيادية في الدولة، وقيادتها للسيارة والحصول على معظم حقوقها، لم ينه مواجهتها كابوس الطلاق الغيابي أو الطلاق الشفهي والتعليق، ويحرمها من أبسط الحقوق، ما دفع غالبية النساء إلى المطالبة بالمساواة في العصمة، من خلال مشاركتها في اتخاذ قرار الانفصال عن الزوج.”

وقالت درندري “علينا أن ننظر في مشاكل النساء مع بعض الرجال الذين يستغلون أن الطلاق بأيديهم فيماطلون ويعلقون… وهكذا. لأن الزواج علاقة بين طرفَيْن، ولا يُقبل أن ينال الزوج كل حقوقه والمرأة ليس لها حق. فالمرأة المعنَّفة لا يمكن أن تربِي طفلها، وتنشئه في بيئة سليمة”.

منقول من موقع اندبندنتعربية.

 

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى